نوستالجيا إلى لغة جرير في زمن لا فرزدق ولا أخطل!
في ظلّ العيد، يستسهل المرء أجواء الاسترخاء الذهني، والرد على معايدات الأصدقاء، وعدم التفكير الجاد ليومين أو ثلاثة. لكن بعض أصحاب التعليقات ذات الحمولة “الحامضة” أو الباسلة، (ولفظ “باسل” صحيح في اللغة العربية عند أهل حام الذين نزل القرآن بلغتهم، وليس بمعنى “البطولة” عند أهل سام)، يلهمون ببعض التسلية ليتذوقوا طعم ما لدي من تعليقات موازية:
قال أحدهم: “لو عشتَ زمن السوفسطائيين. لانقض عليك بروتاغواراس وضمك إلى جماعته. للاسف.”
فقلت: “لو عشتَ زمن ابن رشد، لأوْكَلوا إليك حرقَ كتبه، وأعلنوك أوّل جند التتار للقضاء على التنوير الأندلسي قبل المغربي.”
قال آخر: “روح تعطي على روحك عبد مثلك مثل باقي رعايا الزريبة الفرق فقط أنك لست داخل الإسطبل فلا تحاول إصطناع الإختلاف.”
فأجبت: “يبدو أن لغتك ذات قرون صلبة، فلا غرابة أن يكون صاحبها من كائنات الإسطبلات المظلمة.”
وقال ثالث: “الوطنية قبل الموضوعية، أستاذ”
فقلت: “الوطنية الحقيقية تقتضي الموضوعية وتقديم الأمور كما هي دون تغيير الألوان أو تهذيب الوقائع.”
وقال رابع وهو يسأل بنبرة قاضي المحكمة الأخلاقية في خطايا السياسة “لما ابتلعت لسانك عن ما يقع في فلسطين!”
فرددتُ قائلا “عبارتك تنطوي على ثلاث معضلات: ١. لغة قدحية تكشف عن عداء استباقي بالمجان. ٢. عدم متابعة وجهل بما نشرت من تسجيلات حول أحداث القدس ونقد لحكومة بايدن ودول التطبيع، و٣. جمجمة متعجرفة لا يختلف تركيبها عن تركيب “الكارتون” المقوى.”
لمن يهتم بما قلته عن أحداث القدس وانتقادي لسياسة الرئيس بايدن والحرج الراهن لدول التطبيع،
بالعربي:
بالإنجليزي:
في أوائل العهد الأموي، كانت لشعر “النقائض” قيمة أدبية ونشوة في المجالس. فلو عاش جرير والفرزدق والأخطل في هذا الزمان، لكانوا جلساء حلقات جماهيرية عن بعد عبر القارات. لكن شتان بين زمن النقائض وزمن التسفيه والشتائم.