Home Slider site قهر الغربة وقهر هاجس المرض، معاناة مواطنينا العالقين بالخارج! – سليمة فرجي


أحيانا نشعر بالغربة ونحن في أحضان الوطن، ولكن أثبتت تجربة الوباء أن الغربة في الوطن لا تعدو أن تكون ترفا فكريا مقارنة مع تواجد الغريب مريضا أو عالقا في أرض الغربة الحقيقية.
تواجد الغريب في زمن الوباء بعيدا عن وطنه، تنضاف إليه أحيانا ضيق ذات يده، وهواجسه حول احتمال وفاته بعيدا عن أهله وذويه، ومراسيم دفنه، كلها أمور موجعة تطرح عدة علامات استفهام؟
مواطنون فرض عليهم الحجر خارج أرض الوطن، ألم يكن من اللازم والضروري التفكير في إيجاد حلول من أجل إرجاعهم إلى أرض الوطن وإخضاعهم للحجر إلى حين التأكد من وضعهم الصحي؟ كيف يتمكنون من مواجهة مصاريف إقامتهم إذا كانوا مجرد سائحين نفدت منهم المبالغ المالية التي رصدوها لفترة محددة؟ ولا عائلة لهم هناك، صحيح أن الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج صرحت أن المغرب انتصر للأمن الصحي ووقاية المغاربة أولا، وأن الظرفية الاستثنائية فرضت عدم اتخاذ قرارات متسرعة لتسوية وضعية المغاربة العالقين في الخارج، متحدثة عن إجراءات لتسوية وضعيتهم عبر التمثيليات الديبلوماسية، لكن مغاربة العالم والمغاربة الذين توجهوا عرضيا إلى الخارج من أجل السياحة أو لأغراض مهنية أو تجارية، هم مواطنونا ويحتاجون إلى الرعاية والحماية واتخاذ الإجراءات العملية.
قد يقول قائل إنه من الصعب استقبال ما يزيد عن 18 ألف مواطن عالق بالخارج في ظروف حرجة، ونظرا للإجراءات الاحترازية والاستباقية الإيجابية التي انتهجها المغرب، وأن إخضاعهم للفحص والحجر عملية تتطلب لوجستيك وأماكن إقامة من فنادق ومستشفيات وأطقم ومستلزمات طبية، لكن نداء هؤلاء المواطنين المغاربة يتعالى بحكم أن وضعيتهم تزداد سوءا يوما بعد يوم، بل كان من الممكن إجراء جرد وإحصاء لمن يتوفر على محل إقامة هناك أو محل إقامة عائلته، وإرجاء إدخاله إلى أرض الوطن، في حين المبادرة بإيجاد حلول من أجل إرجاع من لا عائلة له هناك تتوفر على محل إقامة، مثلا بالنسبة للعالقين بمدينة مليلية ومن بينهم رئيس جماعة الناظور. ألم يكن من المستحب يوم تم فتح المعبر بمليلية من أجل مرور الإسبانيين وعودتهم إلى وطنهم، أن يتم إدخال المغاربة العالقين بمليلية وإخضاعهم للحجر الصحي في فنادق أو أمكنة تخصص للعملية؟
من المحزن أن نجد من أصبح يتسول هناك في الوقت الذي كان معززا ومكرما في وطنه، لمجرد أن المبلغ الذي سافر به لم يعد يكفيه للإقامة الجبرية المفروضة بمقتضى الوباء؟
أستحضر أبياتا للشاعر خليل مطران والذي اشتد به المرض في أرض الغربة:
يا للضعيفين استبدا بي وما
في الظلم مثل تحكم الضعفاء..