قراءة في رواية “بعيداً من الضوضاء / قريباً من السكات” للروائي محمد برادة __ د. عبد الجبار العلمي

0
204

 

صدرت رواية ” بعيداً من الضوضاء. قريباً من السُّكات ” للناقد الروائي المغربي محمد برادة ، نشر الفنك سنة 2014 . وهي الرواية السادسة ضمن رصيده الروائي الذي يضم الأعمال التالية : ” لعبة النسيان ” ـ “الضوء الهارب ” ـ ” مثل صيف لن يتكرر ” ـ “امرأة النسيان” ـ “حيوات متجاورة “. وقد دعا الناقد السينمائي المغربي حمادي كيروم في صفحته على الفيسبوك القراء المغاربة إلى قراءة هذا العمل الروائي المتميز ، وهي دعوة إلى متعة القراءة التي بتنا نفتقدها في الكثير من الأعمال الروائية التي تصدر سواء في المشرق أو المغرب ، كما دعا السينمائيين المغاربة إلى تحويله إلى فيلم سينمائي لأنه يرى أنه يتوفر على شروط اقتباسه من “الحكي الروائي إلى الحكي الفيلمي”.

 

إن هذه الرواية تأخذ بتلابيب قارئها منذ الصفحة الأولى بلغتها المتدفقة السلسة المنسابة كماء سلسبيل ، وبأحداثها التي تأخذنا لننغمر في التاريخ المغربي الحديث في عهدي الاستعمار والاستقلال حتى بروز حركة 20 فبراير في غضون الحراك العربي وما رافقه وما تلاه من تطورات ، وذلك من خلال جيلين كلاهما مأزوم : جيل مخضرم عاش في العهدين ويمثله توفيق الصادقي المحامي ( ازداد 1931 بالرباط ) ، وجيل نشأ في عهد الاستقلال ، ويمثله شخصيتان محوريتان هما : فالح الحمزاوي المتخرج من كلية الحقوق بالرباط الذي يعمل محامياً متدرباً في مكتب الصادقي ، وهو من الذين يعرفون كيف يدورون مع الزمان ، رغم انتمائه إلى هيئات وأحزاب محسوبة على اليسار ( ازداد 1956 ) ، كما يمثل هذا الجيل الدكتورة النفسانية نبيهة سمعان المزدادة أيضاً ( سنة 1956 ) ، يضاف إلى هذين الجيلين الجيل الجديد ويمثله الراجي المزداد ( سنة 1975 ) المجاز في التاريخ. يعاني من العطالة كأبناء جيله ويقبل أن يعمل مساعداً للمؤرخ الرحماني الذي له اهتمام بتاريخ المغرب الحديث.

 

وتتميز الرواية بتعدد الأصوات وتعدد اللغات ، والملاحظ أن الراجي يتولى السرد عن نفسه وغيره من الشخصيات الرئيسة في الرواية ، بينما يأخذ زمام السرد كل من الشخصيات الثلاث الرئيسة عن نفسها بضمير المتكلم . كما تتميز باستخدام الخطاب التراسلي والخطاب الشعري وتضمين النص الروائي بالثقافة والمعرفة ( التحليل النفساني الفرويدي ) على سبيل المثال في الفصل الخاص بالدكتورة نبيهة سمعان المتخصصة في هذا المجال. ثمة ملمح فني آخر تتميز به الرواية هو لعبة الأسماء التي يعمد المؤلف إلى استخدامها كصنيع نجيب محفوظ في رواية اللص والكلاب على سبيل المثال ، وكصنيعه هو نفسه في روايته ” امرأة النسيان ” . وختاماً هذه مجرد انطباعات أولية عن هذه الرواية الشيقة المكتوبة بأنامل حرفي فنان في مجال الكتابة الروائية التي تقدم لقارئها المتعة والمعرفة.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here