عن السرقات الأدبية : “من الجلدة إلى الجلدة” – ذ. أبو زيد بيومي

0
50

كاتب عراقي يتقدم لمسابقة النشر الإقليمي، في إقليم وسط الصعيد الثقافية

اتصل بي منذ أيام أحد مسئولي إقليم وسط الصعيد الثقافي، ليخبرني بترشيحي لتحكيم الأبحاث المقدمة في مسابقة النشر الإقليمي بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وبعد أن وافقت على قبول المهمة، قام بإرسال ثلاثة أبحاث، تحمل أرقاما مرتبة من الثاني عشر إلى الرابع عشر، ضمانا لنزاهة المحكم بعدم ذكر أسماء أصحاب الأبحاث.
وبدون ترتيب قمت بالاطلاع على البحث الذي يحمل رقم (13) والذي يدور حول موضوع “شعر الطفل عند أحمد شوقي”. وبالتفتيش عن البحث من خلال مواقع الانترنت، فوجئت بأن البحث مسروق بالكامل من بحث لكاتب عراقي، عنوانه “الطفل في شعر أحمد شوقي”، منشور على موقع “مؤسسة خالد بدوي الثقافية”، بتاريخ 11/4/2018، وللدقة فإن مقدمة البحث رقم (13) لم تكن ضمن بحث الكاتب العراقي، لأنها مسروقة من منشور على صفحة فيس بوك اسمها “أسواق الذهب”، والمنشور معنون بـ “الشعر الطفولي بين المحاكاة والترجمة، أحمد شوقي نموذجا”، وبهذا يكون البحث كله مسروقا كما يقولون “من الجلدة للجلدة”. طبعا لا يعقل أن كاتبا عراقيا يتقدم لمسابقة النشر في “إقليم وسط الصعيد”، إلا إذا كان المقصود “وسط صعيد العراق، أو أن يكون الكاتب غير محل إقامته إلى أسيوط، أو إحدى مدن إقليمنا. الذي يتمتع بموقع متميز بين قارات العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوروبا.


طويت البحث الأول ودخلت على البحث الذي يليه والذي يحمل رقم (12)، والمعنون بـ “استدعاء الشعر في الأغنية الوطنية”، وجدته مليئا بالتفاصيل الرشيقة، والتواريخ الدقيقة، والأسماء الموجودة على أرض الحقيقة، لكنني للأسف وجدته أيضا مليئا بالسرقات الصفيقة، وقد تركزت السرقة من مقال للكاتب الدكتور محمد عفيفي عنوانه “كنت فى صمتك مرغم.. كنت فى صبرك مكره.. فتكلم وتألم: الأرض بتغنى عربى”، والمقال منشور في جريدة المصري اليوم بتاريخ 16/4/2018، والمقال منقول بالكامل في البحث المقدم، أما بقية أجزاء البحث مسروقة من صفحات الفيس ومواقع أخرى ، وبهذا أيضا يكون البحث كله مسروقا “من الجلدة للجلدة”.

  أما البحث الثالث والذي يحمل الرقم (14) عن “الشعر السير ذاتي” في ديوان أحد شعراء الوادي الجديد، كان باحثه أكثر احترافية إذ لم يسرق بحثا كاملا، ولكن قام بسرقة تقسيمات وعناوين جانبية، ومقاطع من دراسات، مع تغيير بعض الكلمات، فجاءت فيه سرقات من كاتب مغربي هو عبد اللطيف الورواري، والمفاجأة أني وجدت أثناء البحث أن باحثة أردنية قامت هي الأخرى بالسطو على الورواري بنقل مقاله كاملا عن الشعر السير ذاتي مع تغيير اسم الشاعر المبحوث وأسماء الدواوين، وهو الأمر نفسه الذي قام به صاحبنا المتقدم للنشر الإقليمي.

*****
في ظل انتشار السرقات العلمية والأدبية بهذه الصورة الواسعة، ما على الكاتب أو الشاعر أو الباحث إلا أن يقوم بالبحث عن جلدتين مناسبتين، ثم يقوم بتعبئتهما بما لذ وطاب من المسروقات، ثم يضع اسمه على إحدى الجلدتين، وبهذا يكون باحثا أو شاعرا أو كاتبا. وربما يحصل بهاتين الجلدتين على جائزة، أو لقب، أو عضوية، أو وظيفة، أو غيرها مما يستطيع أن يحصِّله من المكاسب.
بعد كل هذا تبدو الإجابة واضحة عن السؤال الذي نكرره دائما: لماذا لم تتقدم بلادنا كغيرها من بلدان العالم؟ ولماذا طال بقاؤنا في عنق الزجاجة المزعوم؟
فالإجابة بدهية: لأننا محاصرون في كل المجالات بالغش، والتدليس، والسرقة، والوصولية، والواسطة، والمحسوبية.
محاصرون من الجلدة للجلدة.

الصور المرفقة بالمنشور مجرد نماذج لتوثيق هذه السرقات.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here