“عراقة المغرب الضاربة في جذور التاريخ” :
حرص الملوك المغاربة الأولون في ترسيخ حكمهم على تميزهم بمجموعة من الشارات التي تحدد تفردهم، وترسم معالم المسافة التي تفصل بينهم وبين حاشيتهم من جهة، وبينهم وبين رعاياهم بصفة عامة. ومن بين أهم هذه الشارات السياسية التي تميز بها هؤلاء الملوك، بالرغم من أن السلاطين في المغرب منذ القرن الثالث قبل الميلاد إلى يومنا هذا حاولوا جهد الإمكان أن يبتعدوا عن وضع التيجان من الذهب لما في ذلك من مباهاة، فقد حرصوا أن يتميزوا عن سائر الطبقة الملوكية في العالم فوضعو على رؤوسهم “الرزة السلطانية” و”الشاشية المخزنية” و”الطربوش الملكي”، وهذا ما يميزهم ويعكس مكانتهم السامية في صدارة دول العالم.
في الصورة نرى أحد أقدم العملات المغربية، وهي عملة برونزية وجدت بمدينة ليكسوس الأمازيغية المورية، ويظهر في العملة سلطان يضع على رأسه “الشاشية” المغربية وهي حمراء اللون، مخروطية الشكل، وترتفع مقدار 20 سنتم أعلى الرأس، ناعمة الملمس، وتسمى اليوم “الشاشية المخزنية”، وقد تفنن المغاربة على الخصوص في تطوير صناعة الشاشية، فأخرجوا منها طرابيش مختلفة، حتى أصبح لكل جهة من جهات المملكة طربوش خاص بها.
وفي هذه الصورة نرى الملك الموري الشهير سيفاكس حاكم مدينة طنجة يضع على رأسه الرزة الملكية، والتي نرى الملك محمد السادس يضعها على رأسه.
والرزة تسمى بالأمازيغية السوسية “أباكشو”، وبالدارجة “الرزة”، وهي اللباس القومي المغربي التاريخي، وأقدم غطاء للرأس المعروف في تاريخ المغرب، ويختص بها غالبا سكان الأرياف والبوادي، وهي بلونين الأبيض والأصفر.
كما نرى تمثال الملك بوكوس الأول يضع على رأسه أقلمون على شكل لفات الأفاعي، تلف فوق رأسه، ويحيط بها خيوط من الكشمير أو الحرير المسترسلة من جهة الكتف، وهو ما نراه في اللوحة للوفد المغربي يرتدونه في زيارتهم الأولى لفيينا في 14 فبراير 1783 وانقرضت في يومنا هذا.
ونرى كذالك قطعة أثرية تعود إلى ما قبل ميلاد المسيح، تقريباً 200 سنة ق.م، معروضة بالمتحف الأركيولوجي بالرباط. كما نرى يظهر فيها رجل يرتدي #البرنوس_المغربي ، حيث حرص الملوك المغاربة الأولون، وبالأخص الملك جوبا الثاني، على ارتداء البرانيس، يتفرد بهذا اللباس والذي كان يضفي عليه هالة من القوة والهيبة.
وقد تطورت هذه القبعات مع المرينيين والسعديين والعلويين، لكي يصبح أكثر مراسيمية، إذ أصبح سلاطين المغرب يضعونها مع لباس رسمي حسب نوعية المناسبة، أو حسب طبيعة النشاط الذي سيمارسونه.
الإرث المغربي الخالد ليس بمشرقي و لا غربي، إنما هو فقط مغربي، وبصمة الإنسان المغربي للبشرية.
______________________
المصدر بتصرف : https://www.facebook.com/moroccanjewish