تنطلق فرضيات هذا المتن الروائي الذي وسمه صاحبه محمد عباس في (مسجون vip) من الواقع الحقيقي الذي هاشته مصر وبعض الدول العربية في ظل الاحتجاج الشعبي، أو ما أطلق عليه البعض “الربيع العربي”. وقد شملت مداعبات الكاتب في تهذيب لغته والقفز على المعطيات الرسمية أن وافق بين هذه الأحداث وذاته، فجعل الشارد يتحدث بضمير المتكلم، معبرا عن رحلة السيادة والسلطة، ورحلة الانتقال من حالة الاستقرار في الحكم، إلى حالة الأسطورة (القظة ومفعولها السحري)، إلى هيجان بعض الجهات واستفرادها بمحاكمة الحاكم في ظل غياب الأنصار، وتحول المؤيدين إلى معارضين يصدرون أمر الإعدام في حقه. وبعد تدخل القطط، عاد إلى رمزه السيادي، إلى سلطته، لكن الاحتجاج إلى انتقل إلى الميدان، فتأجج الوضع، واستفحلت الأوضاع، ما أوجب التدخل بالعنف، أولا من قبل بعض قياد السلطة، وتدخل فرضي للزوجة التي تبث سمومها في الملك، وتحاول أن تسيطر بقلبها على أمور الدولة، وتحول انطباعاتها إلى أموار فورية تنتظر التطبيق والتفعيل.
يتحول إذن التمرد إلى فوضى وثورة شعبية، تستوجب التحلي بالصبر، لكن التدخل الفوري للطبقات الاجتماعية وانضمامها إلى سلطة الثورة، جعلت الحاكم يحاول الفرار دون جدوى، وهنا تتدخل القطط مرة ثانية لتنجيه، وتطرح فكرة الصراع الأبدي حول الكرسي المحكوم.
رواية مسجون VIP تلخص حالات مختلفة من انعدام ضمير البعض، موازاة مع سوء تقدير بعض الجالسين في مواقع التسيير، كما تفرض العودة إلى العدل والتوازن الاجتماعي. هذه الخلاصة تثبت دور الكاتب محمد عباس في تقريب مفهوم الثأر والتأثر بالمرأة وأوامرها، والثورة، كلمات تلخصت في أفعال إرادية وأخرى غير إدراية، كما فعلت محور السرد المتسلسل مع تقريب بعض الرؤى الخفية من المتلقي. لذلك كان دور السارد إيجابيا في الاستباق للتعبير عن الأحاسيس والمشاعر، وإلى التفكير المسبق في تقريب موقف الحاكم والمحكوم من السلطة.
رواية تقبع داخل سجن الحاكم، وتنتقل بين الفكر والعاطفة، وتختلق فعل السيطرة على الذات من خلال أسطورة القطة أو الحلم الساحر الذي ينجي البطل.