حوار مع الشاعر المصري أحمد حسن محمد ــ ذ. نصر سيوب

0
1451

 

ــ “مَنْ أكون”:

تاريخ الميلاد: 28 -01 – 1982م
المؤهل الدراسي: ليسانس آداب وتربية – لغة عربية – جامعة الزقازيق 2003م
العنوان: جُمْهُورِيَّةُ مِصْرَ الْعَرَبِيَّة – محافظة الشرقية- مركز ديرب نجم – قرية صافور
مؤلفات:

  • نَغَمَاتٌ مُتَقَطِّعَةٌ عَلَى أَوْتَارٍ مُمَزَّقَةٍ2000م (ديوان).

2-    الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ مِنْهُ 2003 (نَصُّ نَثْرِيُّ مَفْتُوحٌ).
3-  مدينة شرق الوريد 2009 (ديوان).
4- البرد ينسج معطفًا 2011 (ديوان).
5- تغسّل شعرَها بالشمس (ديوان).
6- رواية إخوانجي.
7- لُعْبَةُ الْمَعْنَى وَبَلاغَةُ التَّلَقِّي (دِرَاسَةٌ نَقْدِيَّةٌ).
8- مسرحية شعرية: زجاجة كونياك.
9- ديوان: في الثلث الأخير من البكاء.
كتب عنه وأشاد بتجربته كثير من نقاد وأدباء الوطن العربي؛ ومنهم: د. صلاح فضل (مصر)، د. حسام عقل (مصر)، د. خالد فهمي (مصر)، الشاعر والناقد السوري عبد القادر الحصني، الناقد اللبناني د. رامز حوراني، الشاعر والناقد عماد غزالي، الشاعر محمد الشهاوي، الشاعرة والناقدة السعودية د. عطاف سالم سليمان ، د. محمود الحليبي (السعودية)، د. صابر عبد الدايم (مصر)، الشاعر والناقد وحيد الدهشان (مصر)، الناقد العراقي رحمن غركان، د. مصطفى الضبع (مصر)، د. محمد علي الحسيني (إيران)، وغيرهم من النقاد العرب سواء أكان بمقالات على الإنترنت، أو المجلات والدوريات العربية والمحلية، أو مسابقات تلفزيونية، أو مؤتمرات وجلسات شعرية! الناقد والمسرحي والروائي المصري د. أسامة أبو طالب.
–  وتناول ديوانه الأول بالدراسة د. عبد العزيز غوردو بالمغرب في كتابه فينومينولوجيا المكان الصادر 2011.
–  تناول تجربته بشكل مفصل الدكتور حسام عقل في كتابه (أطياف النص الشعري).
–  نال مجموعة من الجوائز الشعرية المهمة على مستوى الوطن العربي.
–  أحد شعراء أنطولوجيا للشعر العربي المعاصر تحت اسم (قلائد الذهب الشعرية) وقد احتوت على 475 قصيدة شعرية من أوطان العرب. تصدر باللغة الانجليزية، وستصدر نسخة بالرومانية.
–  شارك في موسوعة الشاعرة النبطية عوشه بنت خليفة السويدي (فتاة العرب) بدراسة نقدية عن آخر قصائد الشاعرة.
– نشرت قصائده ومقالات عنه، وعنه في الصحف والدوريات والمجلات العربية والمحلية وأجريت معه عدة حوارات عليها.
– استضيف في عدد من القنوات التلفزيونية والبرامج المختلفة، وشارك في فعاليات أدبية في مصر والخارج.
– تم تكريمه في عدة مؤتمرات محلية وعربية، منها مهرجان العلم والحرية والوفاء بجامعة الأزهر – كلية اللغة العربية في 17/ 10/ 2012.
– حكّم في مسابقة لاختيار الشعراء بمهرجان جامعة الزقازيق الموافق يوم الثلاثاء 23 -10 – 2012 بطلب من اتحاد طلاب الجامعة.
الجوائز التي حصدها في مشواره الأدبي: حصل على الكثير من الجوائز العربية، من أهمها:
– جائزة مؤسسة البابطين لأفضل ديوان شعري عام 2010 .
– جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة 2010.
– جائزة القصيدة المحمدية التي أقامتها شركة الإبداع الأسرية مساهمة مع مؤسسة البابطين 2010.
– حَصل على درع جامعات مصر، والمركز الأول في مسابقات أسبوع شباب الجامعات السادس 2003 عن قصيدة “إليك تغدو نوارسي”.
– قام بتمثيل مصر في السودان (شاعرًا) في أسبوع الإخاء السوداني المصري (2006).
.- جائزة الحكايا الأدبية دورة الأديبة حنان الآغا، عن قصيدة “في صندوق بريد عصبيٍّ” 2009.
– جائزة تجمع شعراء بلا حدود 2010.
– جائزة مركز الإعلام الدولي بالقاهرة 2010.
– جائزة أدباء المستقبل السادسة عن قصيدة “عندما يحزن شاعر” 2009.
– جائزة أجمل قصيدة في القدس التي أقامتها وكالة أنباء القدس الشريف بالمملكة المغربية مساهمة مع مؤسسة البابطين 2009 وكانت مناصفة مع وكيل وزارة الإعلام الفلسطيني سابقا.
– جائزة الحكايا الأدبية دورة نور رمضان، عن قصيدة “ذكراه موسمُ أشواقي” 2009.
– الجائزة العلمية التي أجرتها أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا 1995 بجمهورية مصر العربية في مجال الكتابة العلمية.
– جائزة الأولمبياد المصري الأول 2002 / الميدالية الفضية.
– جائزة التضامن العربي (2008) (منتديات حماة الإلكترونية).
– جائزة فرسان الثقافة 2009 (منتديات فرسان الثقافة).
– جائزة شبكة المرايا الثقافية 2008 (منتديات شبكة المرايا).
– جائزة منتديات شباب العمار 2009 (منتدى العمار).
– جائزة حمدي الثقافية عبر منتديات مدى البحر 2010.
– جائزة ديوان السيدة عائشة 2011. والتي حكمها -الدكتور الشيخ عايض القرني، الدكتور الناقد نايف الرشدان، -الدكتور الشيخ محمد العوضي، الدكتور الشيخ سعد البريك، الدكتور الشيخ فهد العصيمي، الداعية الإسلامي الشيخ خالد الغامدي، الشاعر ناصر الفراعنة.
– جائزة آيرس للإبداع الشعري 2011 .
– جائزة يوم الأرض (2012) التي أقامتها سفارة فلسطين بالتعاون مع جمعية الكتاب بسلطنة عمان.
– جائزة الألوكة 2011 – 2012.
– جائزة بيت فلسطين للشعر بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لنكبة فلسطين 2012، دورة الشاعر الراحل برهان الدين العبوشي، بالتعاون مع موقع العبوشي الإلكتروني بمناسبة مرور مائة عام على ولادة الشاعر.
– جائزة الأقصى والقدس في عيون الشعر برعاية مؤسسة الرسالة للنشر والإعلام (أم الفحم)-الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني 2012.
– جائزة محمد الثبيتي لأفضل ديوان 2013 بالطائف/ السعودية.
– جائزة القدس في عيون الشعراء 2013.

 

ــ “ماذا يعني لي الشعر”:

الشعر حياتي، أيكفي إجابة عن السؤال إن قلتُ لك: في اليوم الذي لا أكتبُ فيه بعضي، يصنع الضياع من بوص أعصابي أقلاماً له ليكتب ما يرضيه ويضيعني! حين يكون الشعرُ لا يكون القلق والإحباط! إنهما يتربصان بي حتى إذا أطفأ الشعرُ قنديل مُخِّي وذهب ليستريح قليلاً، هاجماني فلم يبقيا مني عصباً إلا ومحبط!!!
والشعر علاج وأنا حاولت التداوي به، يكفي أن أخبرك أنه في اليوم الذي لا أكتب فيه، أكون فريسة لذيذة لأفواه الإحباط والإحساس بالفشل الكبير الملازم!

ــ “نصي الأول”:

كان نصي الأول صادقاً جدّاً، ولكنه كان طفلاً لا يستطيع أن يرتدي ملابسه بنفسه، فساعدني فيها صديقي الشاعر د. إبراهيم العوضي، وقبله أختي الشاعرة د. سلوى حسن محمد.

ــ “العائلة والنشر”:

أما العائلة فلم يقتنع أحد منهم أن في جسدي شاعراً، إلا منذ سنوات قليلة، إلا أختي الكبرى د. سلوى. وأما الذي حفّزني على النشر، فيؤسفني أني لا أذكر في حياتي أحدا أخذ بيدي في هذا المشوار، بل أنا الذي سعيت بشدة وأنا في نهاية الصف الثالث الثانوي لطباعة أول ديوان لي على نفقتي الخاصة “نغمات متقطعة على أوتار ممزقة”… أما ردود أفعال الأصدقاء فأنا من طراز قليل الأصدقاء جدّاً، ولكن أذكر أحدهم كأنه كان يعاقبني لأني أفكر في كتابة الشعر.

ــ “الأحداث الحالية وتأثيراتها”:

أما عن الأحداث الحالية؛ ففي الحقيقة لقد فجّرتْ براكيني بما أحبه، ولم يعد قلمي مجرد قلم على ورقة، وإنما بركان حبر يتجدد كل يوم، ولأن أعصابي دوماً كانت مشدودة فلم يمر يوم إلا وكتبت فيه إما رثاء لأصدقائي، أو مشياً في مظاهرة ورقية ضد المحتل الداخلي! كتبت كثيراً جدّاً، ولم أكتب جملة أصدق شعراً مما كتبت هذه الفترة!!
فالأحداث الجارية تؤثر بالسلب وبالإيجاب، ولك في قصة موسى بسورة الشعراء شرح مفصّل، وأنا أقوم بقراءة شعرية لها: حيث أن موسى وعصاه (التي كثيرا ما شبهنا قلمَ الشاعر بها) هم الذين ينتصرون على سحرة فرعون (الذين قال الملأ أنهم ربما اتبعوهم إن كانوا هم الغالبين /تماماً كما في آخر السورة في أن الغاوين هم متبعو الشعراء/الجهاز الإعلامي/ فلنقل إن السحرة يقومون بدور شعراء السلطة وكتّابها) ومن ثم فلتبحث في الواقع الحالي: هل تجد شاعراً من سحرة السلطة قدّم قصيدة لائقة بالحدث قادرة على الخلود؟! بينما ستجد قصائد فريق موسى وثورته ضد الحاكم الظالم قد امتدت شعراً واخضرت على غصون أقلام أصحابها… في النهاية أوجزُ: الثورة تؤثر بالإيجاب على الكاتب صاحب القضية العادلة، وبالسلب على شاعر يعرف أنه يساند قضية المكاسب والمصالح والتي لن يجرؤ على كتابة قصيدة واحدة إلا وخجل فيها من ذكر كلمة “عدل” إلا إذا كان في منتهى البجاحة! ففرعون ادعى الألوهية ولا نستكثر على شاعر سلطة ألا يبقى على دفاعه عن جيب إلهه الفرعون.

ــ “مقولة: أن مساحات الشعر أصبحت تضيق فاسحة المجال للابتذال”:

إن الذي اتهم الشعر بهذه التهمة الدنيئة، كان مثل دولة ما في منطقة جغرافية ما، ارتكبت شرطتُها جريمة فظيعة بأن قامت بإحراق الثوار المساجين في سيارة الترحيلات، فأحبت أن تغطي على دناءتها الوطنية شعبيّاً، فقامت بقتل 25 جنديّاً على الحدود، ليحاولوا شغل الرأي العام عن الجريمة الأولى، وكأن الثوار قاموا بالقتل بالمثل فلا يستحقون الشفقة الشعبية! … ما أردتُ أن أقوله: إن المُتَّهِم يحاول تبرير الجدب الذي تعانيه صحراء جملته الشعرية، بأن يتهم الشعر نفسه، والشعر منها بريء، فأنصحه أن يبحث عن دواء لمرض الإسقاط والتعويض النفسي هذا!

ــ “هجوم لحظة الإبداع”:

بصراحة لا أستطيع أن أسمي دخولي في حالة الكتابة هجوماً منها، وإنما هجوماً مني أنا، وأكثر حالاتي شعراً حين أرى الحقل بعد غيبة وأنا مجهَد، وأسير في سكة زراعية كان يسير منها جدّي وهو ذاهب إلى الحقل وماسك يدي، أو حين أذهب إلى شوارع حارتنا القديمة، هنا تتلبسني حالة الكتابة بما لا أستطيع أن أفعل أي شيء إلا أن أتمنى العودة لمكتبي لأكتب..

ــ “عملية الخلق”:

أما كيف تتم عملية الخلق؛ فأحياناً أصلّي ركعتيْ حاجة استعدادًا، وأحياناً أبقى طويلاً ممسكاً بالقلم أو أمام الكمبيوتر لأحاول نقل ما بي من سنابل شعر عبر عربة القلم إلى بيدر الورقة..

ــ “طقوس الكتابة”:

أما الطقوس، فمتغيرة لكن أهم ما فيها أن يتركني الجميع، وأن يكون معي فنجان قهوتي وقلمي على الدوام، وأن أتعلم فن تدليل الشعر لأنه أحياناً لا يقبل أن أعامله إلا كطفل وأحياناً إلا كناضج!!

ــ “الأماكن والذكريات والطفولة”:

أما المكان، فهو الذي يتجلى فرداً في شعري، وفي حياتي وفي كل شيء، فحتى الآن أنا من غير القادرين على السفر وترك القرية، لا أستطيع مفارقة القرية إلا أياماً معدودات، بشوارع حارتنا القديمة، وسكك الحقل التي لا أشعر بوجودي إلا فيهما.. إنني أذهب إلى الحارة والحقل لأمتلئ شعراً وأعود لداري الغريبة الجديدة لأكتبه..
أما طفولتي فأظنني لن أنقطع عن الكتابة عنها وفيها وبها حتى بعد شيخوختي، فالطفولة في ظني محبرة الشعر التي لا ينفد منها الحبر أبداً، خصوصاً إن كانت زرقتها زرقة أورا الحرمان.

ــ “أعذب الشعر”:

عندي: أعذب الشعر هو ما كتبه الصدق، فحين تكون صادقاً في حزنك ستكتب شعراً تصدقه القلوب مباشرة، وحين تكون صادقاً في فرحك ستكتب شعراً تصدقه القلوب كذلك… حقاً الحزن بيدر واسع لمحصول من القصائد، لأن الإنسان بطبعه حين يحزن فإنه يريد أن يسرّ أو يحكي أوجاعه وليس من صديق أكثر أمناً وإيماناً بقضية حزنك سوى ورقة بيضاء القلب… عن نفسي بدأت حزيناً وانتهيتُ مؤمناً حزيناً مؤملاً.

ــ “الكتابة والحالة الإبداعية”:

أما الكتابة فهي طريقتي في علاج نفسي وروحي وجسدي من آلام كثيرةٍ. أما موعد الحالة الإبداعية، فغير محدد، فأحياناً تأتي حسب توقيت حزن بطيء، وأحياناً حسب توقيت الفرح السريع، وأحياناً حسب توقيت الحياة الرتبية على سبيل الهروب أو الأمل في التجديد!!

ــ “أصولي الفكرية”:

كل ما وقع تحت يدي من كتب كان أصولاً فكرية، لكن أولها وآخرها القرآن الكريم!!

ــ “جذور تنشئتي الشعرية”:

الألم والحرمان مرشدان كافيان أن يسحبا إنساناً من يده ليكون شاعراً!! وأنا عانيت في صغري حرماناً من نوع ما سبب مرضي الورقي الذي كان هو نفسه علاجاً ورقياً بتقطير الحبر الأزرق لأي إحساس قاتم ..

ــ “بين قصيدة النثر والقصيدة الموزونة”:

أنا لا تهمني المصطلحات أبداً، وكل من حارب من أجل التسمية فهو عندي كمن يحارب في تسمية الهواء هواءً أو نسيماً، أنا يهمني الجوهر، وكم من نصوص نثرية فاقت قصائد موزونة شاعرية وشعرية، وكم من قصائد موزونة لو قارنتها بنصوص نثرية لكانت كالعبيد أمام الملوك!! ولكن في النهاية الشعر كلمة اصطلاحية، ونحن في عصر زحزحة المصطلحات!!

ــ “هل الوزن قيد”: 

الوزن لا يحد من قدرة الشاعر بالضبط، لكنه يفرض عليه مساحات أقل مما يفرضها عليه عدم الوزن… ولكن الوزن لا يجبر الشاعر بالتزام كلمات دون كلمات، فالعربية ممتلئة جداً بالبدائل، ولعل نبوغ كثيرين من شعرائنا في العمود فضلا عن التفعيلة يؤكد أن الشاعر الملتزم بالعروض يفوق إبداعياً كثيرين من الناثريين.

ــ “أن تكون شاعرا في كل شيء”:

لهذه الجملة أبعاد شتى، ولكن ربما يجوز لي أن أسقطها الآن على بعد واحد يخص واقعنا، فسأقدم شهادتي أني عاصرتُ شعراء مؤقتين، بمعنى أنهم شعراء يكتبون عن الإنسانية والحرية والسلام حين يكون ذلك في مصلحتهم، ولكن حين لا يكون في مصلحتهم فإنهم يوقفون ساعة الشاعرية قليلاً ليعيدوا ضبطها في وقت مصلحة لاحقة، رأيتُ شعراء لا يتحدثون عن الحرية لأنهم تفرغوا إلى اللا شعر تحت “بيادة” مثلا…
بعد آخر: كن شاعراً يحس بكل شيء ويكتبه شعراً، فلقد فاجأني ذات اكتشاف أن كل ما في الدنيا يستحق أن تعامله بشاعرية حتى حبة تراب / عفر فيها قصيدة، يمكنك أن تكتبها لو كنت شاعراً في التعامل معها!!

ــ “الإبداع والهوية”:

الإبداع جزء من إنسانه أو الإنسان كل لإبداعه، وكلاهما لا غنى له عن هوية واضحة تأصلت فيه بعد ولادته، ولها امتدادات دينية أخرى فيما قبل الولادة/ في عالم الذرّ والشهادة على أنفسنا “ألستُ بربكم” …

ــ “الإبداع بين الحداثة والثوابت”:

ما حدث من تدمير معظم الثوابت وتمجيد الهامشي لم يكن حقاً معاصرة وحرية إبداع بقدر ما كان ينطبق عليه عنوان كتاب “من الذي يدفع أجر العازف”، لقد أطاع جيل كبير من المثقفين حينما بدأت بلادنا العربية تتخلص قليلا أو كثيراً من ظلام الاستعمار، أطاع هذا الجيل (المبتدئ في استنارته) الثقافة الغربية وقدم لها ثقافتنا العربية وثوابتنا وتراثنا ذبائح قرابين، وادّعوا أنها المعاصرة، في حين أن أشراف مثقفي الغرب أقاموا الكثير على ثوابتنا ولم يدمروا تراثهم رغم كثرة ما كان به من شُبَهٍ مظلمة، بل أصلحوا ما كان فيه شبهة اعوجاج أو احتاج إلى تقويم…. فمثلاً في بداية انتشار الفكر والثقافة في مصر في العصر الحديث وعلى مستوى الأدب رأينا روّاد الشعر الحديث قد نبذوا التراث الإسلامي بكل فجاجة، ليس لأنهم تعلموه وتفقهوا فيه فعرفوا أنه لا يصلح، ولكن لأنهم لم يعرفوا عنه إلا ما وصل إليه الفقه من جمود وعاظ المساجد، أو السطحية من دروشة شيوخ ذلك العصر، فبدلاً من أن يتكئ المثقف على عقله ويضع طوبة في سور الثقافة الإسلامية تقدمه للعيون بشكل صحيح، قام بالسخرية من السور، وذهب ليبني سور الثقافة الغربية من أساسه في بلادنا.

ــ “حر كشاعر، ومنطقة التوتر بين الشعر والنثر”:

نعم أشعر أني شاعر كحر وحر كشاعر، أما منطقة التوتر بين النثر والشعر فبصراحة لا أعترف بوجودها، فأنا أكتب النص حسب رغبته في العباءة التي يريد لبسها، وليتقبل القارئ النص لا على أنه شعر أو نثر بل على أنه جزء من سيرة نفسية فنية خاصة بصاحبه أحمد.

ــ “موقفي الشعري إزاء اللحظات التاريخة المصرية الراهنة”:

أما الموقف في تلك الظروف، فيبدو أني سأخفض من سقف مطالبي اضطراراً، ولا أطلب من الشاعر أن يكون له موقف وطني الآن في هذه الظروف ويكتب دفاعاً عن الدم، بل فقط أطلب منه أن يكون إنساناً ولا يبرر للقاتل هذه الجريمة!! فقد اكتشفنا أن معظم من نعرفهم من كتّاب يرتدون عباءة الإنسانية ليسوا إلا حيوانات.

ــ “العوائق التي اعترضتني وأنا أبحث عن إبداع لغتي الخاصة”:

بصراحة السؤال صعب جداً، فهو يحتاج إلى عقلية مدققة في حياتها الفنية والأدبية، وأنا من زمن بعيد اكتفيت بصمت التعايش مع التجربة بكل حواسي تاركاً التدقيق! لكن دوماً كانت العملية تحتاج إلى حرب ليس مع الآخرين ولكن مع منجزات الآخرين، ومع قلمك حتى لا يستهين بساحة الكتابة ويكرر ما سبقه إليه سابقوه!

ــ “الأقوى في عملي”:

أما الأقوى في عملي فهو أنا، لأني لا أكتب الآخرين، وما دمتُ أكتب نفسي فقط فهذا ما اعتبره.. أقوى شيء في عمل أي مبدع! أن يكتب ذاته فقط ، ولا يوزع نفسه على الآخرين، بل أن يكتب الآخرين من خلال ذاته فقط! أن يجعل كل عمل قطعة إنسانية من إنسانيته حتى إن لم يكن قطعة فنية رائعة بمعايير نقدية أكاديمية لا يهمها إلا البلاغة بمفاهيمها القديمة… الكلمة في الوقت الحالي صارت مخزناً واسعاً جداً للحضور الذاتي والمعيشي والهم السياسي والوطني والقومي والثقافي والأدبي في الوقت نفسه!
في كلمة العشق تكتب كل همومك حيث تمتد الدلالات وتحيط بما لم تكن الجملة الشعرية تحيط به من قبلُ!!

ــ “نكتب القصيدة أم تكتبنا”:

نحن نكتب أحياناً كمدخل لكي تكتبنا القصيدة، وأحياناً تكتبنا القصيدة من البداية..

ــ “هل الحرف مؤلم”:

لا يلزم أن يكون الحرف مؤلماً لكي نكتب بحبر القلب، يكفي أن تكون القضية صادقة، وأن نكون صادقين في إحساسنا بها حتى لو كان قضية سعيدة، وقتها سنكتب بحبر القلب ونبض القلم الساخن السريع جداً…

ــ “هل الشاعر إنسان مجنون”:

هو إنسان مجنون وغير متوازن في نظر كل الناس الذين يفضلون قواعد الجماد، وتكرار السلوك والحياة برتابة!
الناس الذين لو رأوا نبياً من السماء في ساعة وحي أو تأمل سيظنونه مجنوناً!
المبدع دوماً يؤلف الكون بمزاج خاص، ومن حقه أن يعيشه كما يرى بما لا يخالف عقيدة الخالق الذي لا يمكننا أن ندعي أنه مثل الآخرين في إرساء القواعد!!

ــ “الشعر المغربي”:

من قرأت لهم من الشعراء المغاربة يجعلني مبهوراً بحركة الشعر المغربي إن كان الجميع مثلهم! أحب القصيدة التي تتزين بهذه الروح!

ــ “سؤال: (معروف أن المبدع بصفة عامة هو مرآة عاكسة لهموم المستضعفين والمظلومين، وصوت من لا صوت له.. فكيف يصبح صوتا وبوقا مشوَّها للطغاة والظالمين، ومدافعا عن الظلم؟؟):

يصبح كذلك حين يمتلئ بشهوات الجسد السوداء، ويطرد ما تبقى فيه من بياض الروح، أظن أنه يتخلى عن إنسانيته كاملة ويبقي على حيوانية جسده كاملاً فيتقوى بالظالمين من الحكام على أرباب الحكام أنفسهم..
فكيف يمتلئ بكل سواد طينيه الجسدي ويبقى مرآة عاكسة!
بل مرآة موحلة!

ــ “شعري”:

شعري مدمن للصداقة وللصدق الفني والإنساني فيه!

ــ “دور الشعر في قضايا الأمة”: 

أما دور الشعر في قضايا الأمة، فهو نفسه دور المسلم في إعمار الأرض والاهتمام بأمر المسلمين!

ــ “بين الشاعر وقارئه”:

بالطبع يوجد توازن بين الشاعر وقارئه، مع أن هذا التوازن نسبي والإيمان بوجوده والالتزام به نسبي كذلك!!

ــ “كيف تخرج القصيدة”:

بالتصور، بالتخيل، تصوّر المثال الذي يود أن ينسج على منواله قصيدته، بالاستدراك ، بأن يحدث الحروف كأنه يجري مقابلة شخصية لهم للالتحاق بوظيفة!!
هكذا تخرج القصيدة رائعة إن شاء الله.

ــ “علاقة الشاعر بالناقد”:

بالطبع هذه علاقة ضرورية، لكني أظن أنها ليست ضرورية على الدوام، وإلا فلن يكون هناك جديد في الأدب، فالنقاد الأكاديميون في أغلبهم يتعاملون مع الأدب كمهنة، ويحاولون بقدر الإمكان أن يؤصلوا فيها ويقعدوا ويجمّدوا القواعد، والشاعر الفذ المبدع هو الذي يضع في كل نص جديد له آليات خاصة لنقد نصه وليس آليات قديمة.

ــ “حالة النص الشعري”:

كل ما أحرص عليه في حالة النص الشعري وكتابته أن يكون صورة نسخة طبق الأصل من وجهي الداخلي.. المفردات والرموز والصور الشعرية والمرجعية كلها في الداخل مهضومة تخرج حسب ما تقتضيه حاجة النص.. أتمنى أن أكون كذلك في كل نصوصي.

ــ “وطني الشعري”:

أن تكون قصيدتي فيها ملامح قريتي، فهذا وطني الذي يحلو لي فيه أن أصلي ركعتين شكراً لله على هذا الوطن!

ــ “قال بول فاليري:(الشعر رقص والنثر مشي.. فقد ترقص وأنت تمشي أو تمشي وأنت ترقص)”:

أنا أحب الشعر والكتابة حباً جماً كما يحب المريض طبيبه الذي ساعده على العلاج،
لكن هناك الذي يمنح الشفاء، فأنا لا أدعو الطبيب، لكني أدعو خالق الطبيب الذي منحني موهبة الحياة وموهبة الشعر لأمارس دوري في إعمار الأرض، وليس لأجعل قلمي خالصاً لوجه الشعر، لكن خالصاً لوجه الله أتقرب أنا لربي بشعري. فهل عرف فاليري كيف يكون الشعر نوعاً من العبادة والشهوة في الوقت نفسه!

ــ “قصيدتي: فنجان دم”:

أصارحك: الدم الذي سال اضطرني أن أكتب ما يقارب الدواوين الثلاثة، لم أشعر بنفسي منذ بدأت الثورة، كان الدم السائل يكتب بنفسه بدلاً من حبري، والبندقية الرخيصة تملي على قلمي كيف كان الموت!
لا أذكر كيف كتبت هذه الكمية في ذلك الوقت القصير، لكن أؤكد لك: هي أصدق فترة كتبت فيها شعراً وأصدق صياغاتي على الإطلاق! وأقربها إلى قلبي.

ــ ” قصيدتي:

فِي الثُّلثِ الأَخِيرِ مِنَ الْبُكَاءِ”: أنا أحبها لأنها مكتوبة في حبيبتي القرية، وعن شخص طيبٍ كنتُهُ حين كنت أكتبها.. فيها نفس لله يشبه تنفس الصبح.

ــ “سر ارتباطي بالقرية والزراعة والحقل”:

السر الكامل هو جدّي، فأنا أشمه في رائحة التراب المندّى، وأراه في صفرة السنابل، وأشتاق إليه كلما لعب غصن في حضن أمه الشجرة
هو (رحمه الله) حياتي الأولى التي بدونه ساءت كثيراً ولكن الحمد لله تعالى!

ــ “مسابقة أمير الشعراء”:

ليس الشعرُ معياراً وحيداً للمسابقة والتأهيل، وقد اعترف بذلك د. صلاح فضل في حواره يومها على شبكة المحيط! ما وصلني أنهم أقصوني لانتمائي الإسلامي، وقد يكون ذلك صحيحاً وقد لا يكون!
ــ ” الواقع المصري الحالي إلى أين؟”: هذا يعلمه الله، ولكن بعد نجاة نوح وقومه المؤمنين، عاد الكفار بالله لمكانة العروش السابقة كذلك، فلا نستبعد أن يبقى في مصر حيوانات بأشكال الآدميين يقال عنهم “نخبة”، وكذلك يبقى في مصر (الإنسان) الذي يحب الوطن لله، ويؤدي ما عليه رغم كل شيء عبادة لله عز وجل!
أتمنى ألا يتركنا الله وحدنا في المعركة، فبدون مشيئته لن يكون لنا نصر هنا.

ــ “طموحاتي”:

طموحاتي دعوات: أدعو الله تعالى أن يجعل شعري عبادة له، فلا أكف عن هذه العبادة في يوم من الأيام حتى أموت، وألا يكون في قلبي حبٌّ لغيره إلا من أجله، وأن يشفيني من ابتلاء قديم، وأن يرزقني أولاداً يحبهم ويحبونه على قدر كبير من جمال الخلْق والخلُق، وأن يجعلني باراً بوالديّ!
أدعو الله أن أتفرغ للكتابة على الدوام..
ــ “قصيدتي المستحيلة”: هي التي لا أتدخّل في فنياتها بقصوري، بل يلهمني إياها الله تعالى بكماله!
ــ “هواياتي الأخرى”: أحب المشي حافياً على تراب سكة الحقل.
أحب أن أهيم وسط الأراضي الزراعية قبل المغرب، وأنا أسجّل خواطري صوتاً، فهي لحظة تنسجم فيها كل الدنيا مع كل الدنيا في قلبي..
أحب التصوير الفوتوغرافي.
وأحب ألا أذكر إساءات الآخرين لي.
هذه هوايات غريبة ربما..

_________________________

ملحوظة : أجري الحوار سنة 2013.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here