حفل تكريم – جميلة بالوالي

0
206



 

     كان الحفل بسيطا ،لكنه كان دافئا رغم برودة الجو في الخارج على حد تعبير السيد مدير المؤسسة ..

     وصلت متأخرة قليلا .. كان الحاضرون كلهم رجالا : حراس أمن في مؤسسات أخرى غير مؤسستنا والطاقم الإداري للثانوية وبعض الأساتذة …تفاجأوا قليلا بقدومي ورحبوا بي أيما ترحيب .. انتابني شعور غريب ..أحسست أنني أيضا أكرم لمجرد أنني المرأة الوحيدة المتواجدة في الحفل..شعور طفولي بريء جعلني أعتقد لوهلة أنني أصبحت فجأة  أميرة.

لم يكن من الممكن أن أتخلف عن حفل تكريم السي محمد حارس الأمن بمؤسستنا بعد إحالته على التقاعد. رجل مميز ، له كاريزما خاصة ،لم يكمل دراسته لظروف عائلية قاهرة ..لكنه مثقف وملم بهموم الدنيا ومكافح .. قدمه المسؤول عن النقابة تقديما يليق به ..وتحدث عنه المدير بكل خير وأشاد به أصدقاؤه في جو من الألفة والمحبة والتآخي.. أشخاص بسطاء لكنهم طيبون. كانت تلك أول مرة أشعر فيها أن كل من حضر كان صادقا في احتفائه بالمحتفى به ..لا أحد أتى كي يجامله ولكن أتوا ليبادلوه حبا بحب ومودة بمودة ..لا ينتظرون منه أي شيء ..لا جاه له ولا منصبا رفيعا .عاش بسيطا لكنه كريم ،لا يبخل على أحد بابتسامته ونصائحه ودعواته الطيبة .سررت كثيرا عندما رأيت الفرحة على ملامحه .. ولأول مرة شعرت أنني أمام رجل يستحق التقدير والاحترام والتكريم ..لأنه يقدر جدا من يقدره فإنك تحس عندما تكرمه أنك تكرم نفسك وأنك ارتقيت وتسلقت أعلى مراتب إنسانيتك . كنت قد كتبت عن معاناته عندما كان يعمل بمناجم جرادة قبل أن يرهقه مرض السيليكوز ..لم ينس أن يذكر ذلك أمام زملائه ..وكالعادة كان لابد من أن يختتم الحفل بكلمة للمحتفى به. بعد أن شكر الجميع ، أخذ يذكر زملاءه بضرورة مواصلة النضال ،من أجل انتزاع كل الحقوق فلولا كفاحهم وصمودهم لما تمكنوا من الاجتماع لتكريمه في يوم من الأيام لأنهم كانوا لا يستفيدون من العطل ..ثم وعدهم ووعد نفسه بالمزيد من النضال والصمود حتى آخر رمق.

   أخذت لنا معه بعض الصور ..ثم نادى على طفل لعله يبلغ من العمر عشرة أو إحدى عشرة سنة كي ينضم إليه في المنصة الأرضية واصفا إياه بالمناضل الصغير. وكانت رسالته واضحة وصادقة ومتميزة فلا مستقبل للأجيال الصاعدة إلا بالنضال والصمود .





LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here