يلاحظ المتتبع للوضع في جنوب المملكة المغربية، منذ دخول القوات المسلحة الملكية معبر الگرگارات وتأمين العبور -ذهابا وإيابا- نحو الجارة موريتانيا، وما تلاه من إعلان جبهة البوليساريو الحرب من جانب واحد، أن هذه الأخيرة قد أصدرت عددا ضخما من البلاغات العسكرية أولها بتاريخ ١٣ نونبر ٢٠٢٠ وأحدثها يوم الجمعة ٢٧ نونبر ٢٠٢٠ حيث بلغت في مجملها خمسة عشر (١٥) بلاغا عسكريا بمعدل بلاغ واحد كل يوم.
المتأمل في هذا العدد الهائل من البلاغات العسكرية يدرك الأهمية البالغة التي توليها جبهة البوليساريو للحرب الإعلامية أو “البروباغاندا”، حيث دأبت على الاعتماد على الدعاية في حربها الانفصالية منذ انطلاقها، وقد يخطئ من يتصور أن الحرب مجرد عمليات عسكرية، فبموازاة الحرب التقليدية تدور حرب أخرى لا تقل عنها أهمية، إنها الحرب الإعلامية التي أتقنتها جبهة البوليساريو حيث جندت طاقات هائلة على المستوى الدبلوماسي “الرسمي” و”الشعبي” على حد سواء، مستغلة شبكة قوية من العلاقات العامة في إسبانيا الدولة المستعمرة سابقا وجزر الكناري تحديدا، وفي البلدان الأوروبية عموما، علاوة على دول أمريكا اللاتينية ودول المنظومة الشيوعية سابقا والتي شكلت رأس حربتها كوبا كاسترو، زد على ذلك العلاقات العامة مع النسيج الجمعوي في دول أوربا الغربية وقطاع واسع من دول أمريكا اللاتينية.
كما استغلت المؤسسة الدعائية للبوليساريو مناخ الحريات غير المقيد في #المغرب مستغلة شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والإنترنيت عموما، حيث نجحت إلى حد ما في تجنيد شبكة مهمة من “المتعاونين” معها على مستوى مجموع الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية مركزة على مدينة العيون نظرا لأهميتها الرمزية واعتبارا لكونها عاصمة الصحراء، بتأطير من أنصار جبهة البوليساريو على مستوى إسبانيا وجزر الكناري، -ساهموا جميعا- في توفير “المادة الإعلامية” والمعلومات التي استغلت في تأليب الرأي العام العالمي ضد #المغرب خاصة على مستوى “حقوق الإنسان” .
لقد استعملت جبهة البوليساريو كل السبل الكفيلة ب”تعزيز وتوثيق الصلات” بينها وبين “الأتباع” في الصحراء، حيث ركزت حربها الدعائية على “المكون الحساني” واستعملت في ذلك “لهجة عنصرية” ساهمت بشكل كبير في تكريس “مفارفة شعورية” لدى المكون الحساني، حيث رفعت لذلك شعارها المشهور “لا للاندماج”، وهو ما تسبب في موجات من العنصرية بين مكونات المجتمع المغربي الواحد، وخلق حالة من الاستقطاب الحاد في الكثير من الأحيان، ويعتبر مشكل أگديم إيزيك بمثابة العنوان البارز لحالة الاحتقان الشديدة في هذا السياق.
لقد وجهت جبهة البوليساريو “الثقافة الحسانية” وركزت على “الفوارق الاجتماعية” وجعلت من الشعر الحساني ومن الأغنية الشعبية “دعامات قوية” لحربها الدعائية ضد المملكة المغربية، واستعملت أبشع النعوت والأوصاف في كل ما هو خارج نطاق حدود المستعمرة الإسبانية السابقة أي كل ما هو خارج نطاق ما كان يعرف ب”الكروشي” ….. وعلى سبيل المثال لا الحصر يوصف عموم الشعب المغربي ب”شليحات مولانا” و”الشلوحا” و”الحمالة” كما توجد وفرة من الأمثال الشعبية القدحية من قبيل: “ولدك يلا استگبل لا تردٌُو ويلا گافا لا تعدٌُو” و”الشرگ بيت نار – الساحل بيت مال – گبلا طوفو والتل لا تشوفو”.
وفي ذات السياق وظفت جبهة البوليساريو الشعر الحساني والأغنية حيث برزت أسماء وتألقت في مجال الشعر والأغنية ساهمت بشكل قوي في التعبئة والشحن العاطفي مثل الشاعر بيبوه ولد الحاج والمغنية مريم الحسن.
______________________
شرح بعض المصطلحات:
التل: الشمال
گبلا: الجنوب
الشرگ: الشرق
ساحل: الغرب
استگبل: توجه جنوبا
گافا: توجه شمالا