يمكننا أن نتناول ما أورده الدكتور أحمد الريسوني في شقين:
شق يتعلق بالصحراء المغربية المحتلة أجزاء منها سواء من طرف الجزائر (الصحراء الشرقية وبشار وتندوف ومناطق حدودية أخرى)، وشق يتعلق بربيبتها اللاشرعية التي وهبتها تندوف، وحاولت بدورها وضع يدها على مناطق أخرى لكنها فشلت.
وشق يتعلق بالجار الجنوبي موريتانيا الشقيقة.
فيما يتعلق بالشق الأول الجزائر بما فيها مدينة تندوف، فنرى أن موقف الدكتور هو موقف كل المغاربة الذين يؤمنون بجغرافية بلدهم التي لم يقضمها الاستعمار، وإنما قضمها نظام الجار القائم على الحقد على المغرب (وأتحدث هنا عن النظام الجزائري وليس الشعب)، وبالتالي أقل ما يمكن أن يفعله المغرب في هذه الآونة وهو قطعا لم يفعله ولا أدري لماذا، أن يستصدر خريطة جديدة ويطالب الأمم المتحدة بالاعتراف بها، هذه الخريطة تضم كل مناطقه الصحراوية، تكتب عليها عبارة: مناطق صحراوية محتلة من طرف الجار الجزائري المسلم الشقيق !
كما توضح على نفس الخريطة كل المدن والجزر المحتلة من طرف إسبانيا، لأن الاحتلال واحد فلا تترك مدينة مليلية مثلا على الخريطة نكرة معلقة بل تكتبها : مليلية المحتلة.
أن تعلن منطقة الصحراء الشرقية جهة مغربية محتلة وتضيفها إلى تنظيم الجهات المغربية إداريا، وتخصص لها برامج تلفزية وإعلامية الهدف منها توعية الشعب المغربي بقضيته، وإعداده نفسيا وروحيا لمرحلة الحسم فيها ولوكان هذا الحسم الدخول في حرب تحريرية لها وليس فقط مسيرة كما تفضل الريسوني.
شق موريتانيا : موريتانيا ليست الجزائر وليست حركة انفصالية مثل حركة البوليساريو، موريتانيا دولة قامت بأركانها المكتملة في جزء كان يوما يمثل جزءا من المغرب، تماما كما انفصلت أجزاء في سياقات تاريخية معينة عن دول أخرى. لذلك فعلاقة المغرب وموريتانيا انتقلت من التوتر إلى الاعتراف المتبادل، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفتح جبهة على موريتانيا أو نخسر امتدادنا نحو إفريقيا عبرها.
كل فكرة إعادة ضم موريتانيا سيكون على حساب قضية المغرب في صحرائه وسيكون تشتيتا لواقعية جهوده في تحرير أرضه.
لذلك فما أراه من أفق وحيد بين البلدين هو فتح الحدود بينهما وتوطيد العلاقات بشكل أعمق، ومن يدري إعلان اتحاد ثنائي كما كان يفترض من خلال مشروع اتحاد المغرب العربي، لينسجم الشعبان أكثر بعيدا عن المناورات المرحلية لأن ما يجمعهما أصيل.
توحيد الرؤى بين البلدين حول قضاياهما المصيرية هو سبيل الوحدة بينهما وفق حلف تاريخي جغرافي عريق، أما الحديث عن ضم وإعادة إلى بيت الطاعة الجغرافية فإني أختلف في هذا مع الدكتور الريسوني جملة وتفصيلا.
فالوحدة بين البلدين شعبا وحكومة هو قرار مشترك ولا يمكن أن يكون أحاديا أو منفصلا بأي حال من الأحوال.
أما مضيعة الوقت في تحليل كلام أو بالأحرى ردة فعل رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي ولا وقت لدينا للرد على صغار الهمم ومراهقي المعرفة في وقت يحتم علينا الالتفات إلى قضايانا الأهم.
أما ما يخص جمعية العلماء الجزائريين ورئيسها عبد الرزاق قسوم فنقول لها وله رحم الله الشيخ عبد الحميد بن باديس، فقد كان أعرف منكم بالإسلام، وأشد فهما لفقه الوحدة ولروح الإسلام، الذي من أبسط تعليماته مراعاة حق الجار والجوار.
والله من وراء القصد..