إن الناظر في حال البشرية، يدرك بأن الصراع الحاصل، أصبح صراعا لإثبات من هم أصحاب الحق في أن يكونوا الفرقة الناجية، فجماعة تُفسّق وتُكفّر، وأخرى تُشهّر وتُبَدّع، وثالثة تُدخل جنة وتُخرج من نار، ورابعة وخامسة.. إلخ!
فكل هذا يُثبته ما جاء من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- “تفترق أمتي..”، حيث تتعدد الفرق والطوائف، لكن هناك فرقة واحدة ناجية، وهذا دليل على أننا في زمان؛ القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، وقد يأتي أحدهم ويقول: أنا منهم وذاك منهم، وآخر ليس منهم! قلت: إن الحكم والفيصل في هذه الأمور، ظهور محمد المهدي، عندها نستطيع معرفة أهل الفرقة الناجية، ولكن هناك أمر لا بد من إدراكه ابتداء، وهو من هم أتباع محمد المهدي؟ فلو رجعنا إلى (القابض على دينه كالقابض على الجمر) لوجدنا بأنهم قلة، فأتباعهم أيضا قلة، ولا نجد قلة أتباع؛ إلا لمن يصفهم الناس بأنهم علماء طواغيت أو سلاطين! فهؤلاء هم من اصطفاهم الله رغم كثرة أعدائهم، وهم ممن القابض منهم على دينه كالقابض على الجمر وأتباعهم، وهم مَن غالبية الناس ضدهم، وهذا أمر طبيعي لا بد منه، لأنه ولو قسّمنا ثلاثا وسبعين فرقة- ولن ينجوا منها إلا واحدة-؛ لوجدنا بأن الفرقة الناجية لا تتجاوز العشرة بالمائة من الكل، وهذا دليل قاطع على كثرة أتباع الدجال، والدليل الآخر؛ هو رفض الكثير من الناس لهؤلاء، بحجة أنهم علماء سلطان وطاغوت، فبذلك لن يؤمنوا بمحمد المهدي، حيث علماء السلاطين -زعموا- هم من يبايعونه في صحن الكعبة، ولن تكون المبايعة إلا بعد أن تُبرمج عقول الغثائية على رفض هؤلاء ونصائحهم، فيخرج كلب الروافض ودجال الدّهر، ليتبعه كلٌّ إلا أهل الفرقة الناجية، فاعلم أنه من الصعوبة أن تكون من أهل الفرقة الناجية، وخصوصا في زمن افترقت فيه الأمة، ولا تزال تفترق، تماما كمن يعزل التراب والزوائد وغيرها؛ عن أحجار الذهب والألماس، فلن يبقى في الغربال إلا القليل مقارنة بما كان يختلط فيه، فكن أنت من ضمن هذه الأحجار الكريمة، فلا تغرّنكم الكثرة، ولا يغرّنكم رأي الغالبية، فالعبرة بحسن الاتباع، وليست بكثرة الأتباع.
ملاحظة:
“كلها في النار” لا تعني الخلود، وإنما استحقاق العذاب بسبب البدعة، إلا أن يعفو الله تعالى.