جسّدت طنجة قبل أيّام تراجيديا الموت العبثي في المغرب المعاصر بأكثر من مفارقة غير عقلانية في استدامة “الحگرة”، وتبخيس الحياة البشرية، وما يبدو تطبيعا مع فقدان أرواح البسطاء بصيغ متكرّرة. فأضافت إلى سمعتها ويناشينها العمرانية شارة أخرى: “مدينة أقبية الموت”، بعد أن صنفتها تقارير الهجرة الدولية مصدر “قوارب الموت” وتلاشي جثامين آلاف الشباب الحالم بعيش كريم في الضفة الأخرى بين أمعاء القرش والأسماء الفتّاكة في عرض البحر المتوسط. لم تزحف مياه هذا البحر، ولم تشهد المدينة تسونامي مُهولا على غرار الفليبين لا قدّر الله، ولا انجرافات التربة الموسمية كما يحدث في بنغلاديش، ولا تدفق فوهات البراكين من جبال إيطاليا، بل مجرّد زخّات أمطار وجدت منحدرها الطبيعي إلى صدور الضحايا بدلا من مجاري المياه التي غضت سلطاتُ المدينة الطرفَ عنها منذ سنوات. هكذا يموت ثلاثون من البسطاء الكادحين مخنوقين بمياه الأمطار في “المصنع السرّي” داخل مرآب سيّارات شبه مدفون تحت فيلا في الحي السكني “الإناس”.
لم يكن الموت الجماعي بفعل كارثة طبيعية حقيقية قاهرة، بل نتيجة تقصير وتلاعبات وصفقات وتجاوز القواعد القانونية وتجاهل ما كان يجري في المرآب القائم منذ عشرين عاما. في “أقبية الموت” في ذاك الحي “السكني-الصناعي” بلا ضوابط، يأتي 135 من الشباب والشابات في دوريات عمل مختلفة فرارا من الفقر، وهم يقاومون الوعز من أجل لقمة عيش بأقلّ الرواتب لقاء أعلى مستويات الاستغلال والتجني في وضح النهار. وفي عائلة بلخير، تموت الأخوات الأربع: شيماء، وآمال، وفاطمة الزهراء، وحسنية، وهنّ شابات في مقتبل العمر بين منتصف العشرينات وبداية الثلاثينات، غدرا بمنسوب مياه جارف إلى عمق المرآب. فكيف ستحيا أمهنّ التي تم إنقاذها بسحبها من شعرها تفاديا لغرقها في قبو الموت، وهي تنازع وجودها بين الوعي والغيبوبة، وكيف انقلبت فرحة الزفاف المرتقب لابنتها آمال بداية الشهر المقبل إلى فاجعة الموت المبكر هذا الشهر؟
موتٌ عبثيٌ في طنجة، وقبلها فاجعة مولاي بوسلهام حيث لقيت ثماني سيدات كن يعملن في حقول الفراولة مصرعهن من جراء تكديسهن في حافلة شحن البضائع في أبريل 2019. وفي الصويرة، وفاة 15 سيدة أخرى خلال التدافع على مساعدات غذائية بقيمة 150 درهم في نوفمبر 2017. وتتوالى فصول التراجيديا باحتراق واحد وثلاثين طفلا داخل حافلة على طريق طنطان في أبريل 2015، وأيضا وفاة 18 شخصا عقب انهيار عمارة المنال في القنيطرة في يونيو 2014، واحتراق 56 عاملا حتى الموت في مصنع المفروشات في ليساسفة في الدار البيضاء في أبريل 2008. تتكرر المآسي، ويتم دفن الضحايا والإعلان عن تشكيل لجان تحقيق. وبعد سنوات، يستمر السؤال لاهثا عن النتائج، ومن يتحمل المسوؤلية، وهل تأخذ السلطات المحلية العبرة منها لتفادي تكرار تلك المآسي، هي باختصار، تراجيديا الفصول المتدرجة عبر المواسم وعلى قدر ما ينسى أن يقدر أن يتحمّل البسطاء من المغاربة.
لكن السّجالات تكثر حول المتّهم ومدى اتساع دائرة المتورّطين، فتضيع الكرة بين التبرير والإدعاء بعدم المعرفة بوجود معمل في تلك الفيلا بتخريجات ملتوية. كما هو العرف السائد، سينفي كلّ من المقدم، والقايد، والعامل، والوالي، وبقية المسؤولين في وزارة الداخلية والسكنى والتعمير وبقية الأجهزة المركزية علمهم بما كان يحدث في الفيلا. في المقابل، لا يترك الرادار المغربي لا شادّة ولا فادّة في بعض البيوت والمكاتب وغرف الفنادق. ثمة كاميرات تقتحم الحرمة الشخصية لأفراد محدّدين بتصويرهم عراة وحتى استعراض عدد الشعيرات على ظهرهم، أو تعقّب صحفية خلال زيارة عيادة الطبيب والتمحيص والتنقيب في الكشف عن آثار حملها وبقية التركيبة الأنثوية بين فخديها.
هي مفارقة محيّرة عند الكيل بمكيالين، وتزيد في حدة الميزان غير السوي بين مركب”الحگرة” المستمر، وتآكل الرأسمال الاجتماعي بين الدولة والمجتمع، ومتاهة الحلم بمواطنة مغربية تحظى من الاعتبار المعنوي ما تنعم به الدول الديمقراطية.
القدرية.. أولى التبريرات!:
نشرت مآساة طنجة الحزن في نفوس أغلب الملايين الأربع والثلاثين داخل المغرب وشتات الخمسة ملايين في الخارج. ويستمر السجال حول أسباب هذه المآساة على غرار سابقاتها وسط انقسام المغاربة إلى قبائل وشيع. ثمة فئة تتبنى الطرح العاطفي بأنّ “الأعمار انتهت” للذين قضوا، بل وتغلق باب النقاش وتقبل الأمر الواقع. وهذه فئة يتكرّر حديثها وتبريراتها عقب كل فاجعة بتبريرات روحانية تلغي السؤال ولا تقدم الجواب. أما الفئة الثانية، فتلحّ في طرح الأسئلة الحقيقية، ومن أين يبدأ خيط الفساد وأين ينتهي، وتنادي بضرورة الشفافية والمحاسبة في المحصلة النهائية. لكن الأسئلة الحقيقية غالبا ما تفتح على أصحابها تحرّشات وتهما من بعض الجهات قد تصل إلى “تهديد الاستقرار الداخلي”، أو تهم فضفافة واهية أخرى.
من عجائب “الاستثناء المغربي” أن هذه المآسي المتكررة لا تؤدي إلى استقالات أو إقالات على المستوى المحلي ولا المركزي، بل يصبح المسؤول مجرد أحد المعزّين، وكفى المغاربة حرج السؤال الصعب والمسؤولية الوطنية. ولا يمكن اعتبار هذه المآسي بشكل شبه سنوي مجرد كوارث طبيعية أو حوادث منفردة، بل تنطوي على معضلة بنيوية في السياسات العامة وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة. وهذا ملفٌ أسال الكثير من الحبر وأثار فيضا من النقاشات لعقدين على الأقل. ولا تزال ضوابط السلامة العامة وقيمة أرواح البسطاء بمنأى عن الأهمية لمدى المكاسب المالية للمشروعات وتوسعها في الزمان والمكان وسط شبكة مسثمرين ومن يوفرون الغطاء الإداري والقانوني من تفتيش إدارة الضمان الاجتماعي وحتى الضريبي. لا عجب أن تتراجع مرتبة المغرب في مؤشر الفساد عام 2020 إلى ست وثمانين نقطة بست مرتبات عما كان عليه خلال عام 2019. ويوضح عز الدين أقصبي عضو منظمة “ترانسبراسي المغرب” أن “لا وجود لمؤشر إيجابي عن إرادة حقيقية في مكافحة الفساد، ما عدا الخطاب المناهض له.”
من مفارقات الزمن المغربي أن تكون اليد العاملة رخيصة، وحتى حياة الفقير رخيصة. وقد يحرص بعض المستثمرين وأرباب المعامل على قيمة الآلة وتجنبها العطب فيها أكثر من مراعاته القيمة الإنسانية للعامل وظروفه الصحية أو المعيشية لقناعة رب العمل أن لديه خيارات متعددة بين طالبي فرص عمل. عملتُ في أحد مصانع طنجة مدة شهرين ذات صيف خلال دارستي الجامعية في توثيق وحفظ المعلومات عن أصناف الأصباغ في أحد مصانع النسيج. فعاينت وقتها طبيعة العلاقة المجحفة وميزان القوة المختل بين صاحب المعمل والعامل الكادح من أجل راتب هزيل في حدود 1300 درهم شهريا.
يقول عالم الاجتماع سي رايت ميلز في كتابه “المخيّلة السّوسيولوجية” The Sociological Imagination: “لا يمكن فهم حياة الفرد أو تاريخ المجتمع دون فهم كليْهما معا.” كان ميلز يؤمن بأنّ علم الاجتماع يمكن أن يُثبت لنا أنّ “المجتمع -وليس نقاط ضعفنا وإخفاقاتنا- مسؤول عن العديد من مشاكلنا”. وجادل بأنّ من المهام الرئيسية لهذا العلم تحويل المشاكل الشخصية إلى قضايا عامة وسياسية. وتوقّع أن تكون المخيلة السوسيولوجية “الوعيَ الحيوي للعلاقة بين التجربة الفردية والمجتمع الأوسع.”
وقد تبدو هذه الاقتباسات ملهمة في بلورة منطلق بحثي متعدّد الاختصاصات وتبنّي منطق التعامل مع ذاتية الفرد والبنية العامة في آن واحد، مع الغوص أيضا في الكوابح أو العراقيل التي تحول دون تحقيق الحوكمة وتكامل مفهوم المواطنة في المغرب.
وخلف مأساة طنجة وسابقاتها أسئلة مؤجلة عن الغاية من لجنة النموذج التنموي التي لم تقدم خلاصاتها لا بعد ستة أشهر ولا بعد عام من تشكيلها وانفتاحها على التشاور مع مختلف الأحزاب والنقابات والسفارات، فضلا عن لقاء أعضائها مع 9719 من الشخصيات وتوصلها بــ مجموع 6600 من الاقتراحات المكتوبة. وهي تقول إنها تضع حاليا اللمسات على ما تسميه “التقرير التركيبي” الذي كان مرتقبا الشهر الماضي، بعد أن رفعت سقف توقعات المغاربة إلى ما ستفضي إليه “مهمتها الثلاثية التي تتوخاها في إعادة التقويم ضمن منهجية استباقية واستشرافية من أجل تمكين البلاد من الاتجاه نحو المستقبل بكل ثقة”. ويمثل الأمل المعقود على هذه اللجنة ما يعتبره البعض “خلاصا” بالنسبة لجميع المغاربة، لكونها “تطمح لتقديم حل لمختلف الإشكاليات وتصحيح الاختلالات الهيكلية التي تعاني منها الدولة منذ عدة سنوات”، كما يقول الخبير الاقتصادي مهدي الفقير.
صناعة الأمل وتآكل رأسمال الاجتماعي!:
يمثل رأس المال الاجتماعي “مجموع الاستقرار والرفاهية (المتصورة أو الحقيقية) للسكان بأكملهم”، و”يولّد التماسك الاجتماعي ومستوى معينا من التوافق، والذي يُنشأ بدوره بيئة مستقرة للاقتصاد”. ومع ذلك كما يقول المدير السابق لمجموعة بحوث التنمية في البنك الدولي بول كولير، “ينبغي ألا نحصر احتياجات رأس المال الاجتماعي ضمن تلك التفاعلات الاجتماعية التي لها آثار اقتصادية غير مقصودة”. ويشدّد على تعريف اجتماعي أوسع لرأس المال يشمل الحكومة أيضا “بما أنّ مساهمتها في الدّخل تنطوي على تحقيق فوائد لا يمكن تحقيقها من خلال نظام السوق، وستكون هذه الفوائد دائمة لأن الحكومة هي ذاتها دائمة”. ويعكس هذا التأكيد على دور الحكومة أهمية تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، وهي نظرية يتمسك بها علم النفس الاجتماعي ودراسات الصراع خلال العقود السبعة الأخيرة.
تبلورت نظرية الرأسمال الاجتماعي على يد عدد من العلماء الغربيين، ومنهم بيير بورديو في علم الاجتماع (1984)، وروبرت بوتنام في العلوم السياسية (1993، 1996)، وجيمس كولمان في علم النفس التربوي (1988)، وفرانسيس فوكوياما في التاريخ الاقتصادي (1996). ويقول بوتنام : إن “رأس المال الاجتماعي يعزز فوائد الاستثمار في رأس المال المادي والبشري”، ويشمل الشبكات الاجتماعية التي يعتبرها مجموعة من “الروابط الأفقية” بين المواطنين. أما المنظّرون الآخرون مثل جانيت هولاند فتصنف رأس المال الاجتماعي ما بين نموذج التكامل ونموذج للظلم وعدم المساواة.
تصبح معادلة صناعة الأمل وتآكل رأسمال الاجتماعي بمثابة تحصيل حاصل. وقد نبه بعض المراقبين المحليين إلى “انكسارات اجتماعية” في المغرب في السنوات الأخيرة. ويشرح الخبير الاقتصادي العربي الجعايدي كيف أن دخل 10٪ من الأثرياء يزيد 12.7 مرة من 10٪ من أفقر الفئات بين المغاربة. وتشكل فئة الخُمس من أغنى السكان بالفعل نسبة 48٪ من إجمالي الدخل مقابل 6.5٪ للشريحة الأفقر. وخلص إلى أن “تنامي عدم المساواة الاجتماعية يعيق تجانس المجتمع حول الطبقة الوسطى”. ويعكس الوضع المغربي جانبا من المواجهة العالمية حاليا بين فئة 99٪ الفقيرة وفئة 1٪ الثرية ضمن حركة احتجاج مفتوحة منذ 2012، أو في حالة المغرب بين الذين لا يملكون والذين يملكون أكثر فأكثر، مما يجعل البلاد تفتقر لآليات تساعد على حركية السلم الاجتماعي من الأسفل إلى الأعلى وسط تآكل طبقة متوسط صغيرة العدد أصلا.
في المقابل، يعايش جلّ الشباب المغربي معضلة نفسية تتلاقى فيها ثلاث بنيات من اليأس وعدم تصديق أو حتى القطيعة أحيانا مع المؤسسة المركزية، وهي ذات دلالات صادمة بفعل تراكم مشاعر الحكرة والنزعة الجامحة إلى “الحريك” وأسلوب النضال التواصالي من خلال الهاشتاغ. وتعزى هذه الثلاثية إلى الشعور المستشري بالعجز واليأس وفقدان الكرامة، والرغبة الملحة من أجل الهجرة والسعي للعبور إلى أوروبا حتى في رحلة محفوفة بالمخاطر في قوارب الموت، وأيضا التعبير عن اليأس والسخط بلغة المجال العالم وأدوات التعبير في منصات التواصل الاجتماعي. هذه مقاييس لم ينتبه إليها البحث العلمي في الأكاديميا المغربية. وقد حققت بعض القنوات الرقمية ومقاطع الفيديو المنتشرة على يوتيوب والفيسبوك انتشارا هائلا وهي تتحدى بعض المحظورات التقليدية والخوف من مراكز القوة في الرباط.
تآكل رأس المال الاجتماعي عموديا وأفقيا:
يمثّل تراجع رأس المال الاجتماعي في المغرب شجرة تخفي ورائها الغابة. ويمكن أن نقف قليلا عند نقطة التقاطع بين اثنين من الاتجاهات السلبية في هذا التراجع: الأول عمودي، والآخر الأفقي. هناك تآكل للرأسمال السياسي سياسي بين المجتمع والدولة. فمنذ أواخر عام 2016، سعت الدولة المركزية بشكل متزايد للحفاظ على قوتها. وفقا لبرنامج عرب ترانس، أصبحت الثقة في المؤسسات السياسية المغربية من بين أدنى المعدلات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
هناك أيضا تآكل أفقي لرأس المال الاجتماعي يحدث داخل المجتمع نفسه ويمكن تسميته بتآكل مجتمعي. إذا انخفض مستوى الثقة العامة داخل المجتمع، فأكثر نسبة من 80٪ من المغاربة لا يستطيعون الثقة في بعضهم بعضا وفقا لبيانات مؤشر BTI. دعونا لا نتجاهل التداعيات الذهنية والسلوكية لحقيقة أن 20٪ من المغاربة يعانون اضطرابات نفسي.” ويتعزز هذا التآكل الأفقي لرأسمال الاجتماعي بانجراف المغاربة نحو نرجسية الفوارق الضئيلة حتى مقولة فرويد، ونكوص الهوية الوطنية المشتركة وقيام الهويات البديلة. فرغم تلويحنا بالهوية المغربية المشتركة والتفافنا حول أحمر وأخضر وخمس نجمات، لا نزال في الواقع نجاري منطق الهويات الفرعية، لا زال خطابنا اليومي لم يتخل بعد عن سرديات “العربي” و”الأمازيغي” و “الريفي” و”الفاسي” و”العروبي” و”الشلح” و”الصحراوي” وفي ضوء الهجرة من دول الجنوب، أضفنا أيضا سردية “عزّي”. نحن مجبولون على صناعة “الآخر” من أنفسنا، ونتدارى عن سلوكيات التمييز بسبب البشرة أو اللكنة أو الأصل العرقي. هناك أيضا تراجع الهوية الوطنية ونكوصها إلى هويات فرعية بديلة: وتزداد حاليا في الخطاب العام سجالات الأحقية والشرعية ضمن مواجهات جديدة: الأمازيغ مقابل العرب، والريافة مقابل العياشة، والإسلاميون مقابل الحداثيين، المواطنون مقابل المخزن، وقس على هذه المعارك المفتوحة.
في الوقت ذاته، يمثل كسب رأس المال الاجتماعي عملية صعبة بالنسبة للدولة والأحزاب وكافة الهيئات والشخصيات السياسية. غير أن من السهل صرفه أو إهداره مما يؤدّي إلى اتساع الفجوة بين المجتمع والدولة وتعميق انعدام الثقة في مؤسساتها الأمنية والسياسية، فيدفع المواطنين لإعادة تنظيم أنفسهم ضمن شبكات اجتماعية نشطة في هذا العصر الذهبي للعمل الجماعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تمرست هذه الشبكات على تكنولوجيا الاتصال دون عناوين بريدية. ولم يعد نظام المقدمين والشيوخ والباشوات والقياد وبيروقراطية الدولة وأجهزة الأمن بأكملها قادرة على احتواء حركية وامتداد تلك الشبكات الاجتماعية الناشئة، ناهيك عن السيطرة عليها. ويشهد المجال العام في المغرب مواجهات بين معسكرات افتراضية تبني روابط بديلة لمختلف عمليات إعادة التنظيم والتضامن والضغط على الحكومة.
وكما كتب منظر الصراعات الاجتماعية الممتدة إدوارد عازار يقول “إن عملية النزاع الاجتماعي الممتد تشوّه وتؤخّر الأداء الفعال للمؤسسات السياسية.. فهي تعزز وتشجع التشاؤم في جميع فئات المجتمع، وتحبط همم القادة، وتعيق البحث عن حلول سلمية. لاحظنا أن المجتمعات التي تعاني صراعات اجتماعية طويلة الأمد تجد صعوبة في الشروع في البحث عن إجابات لمشاكلها ومظالم مواطنيها.”
* أستاذ تسوية الصراعات الدولية وعضو لجنة الخبراء في الأمم المتحدة سابقا.