أعداء النور – ابتهال عبد الوهاب

0
1024

تصور نفسك تعيش معزولا عن العالم في غرفة وحدك.. منذ وعيت على نفسك وأنت فيها ولم ترَ أي شيء من العالم الذي خارجها وليس متاح لك إلا ماهو موجود داخل الغرفة التي تمثل عالمك الوحيد. المؤكد أن عقلك سيبقى وعيه مرتبطا بحدود هذه الغرفة وماهو متاح لك فيها. وحتى لو خرج تفكيرك عن حدودها فسيكون تفكيرا لايتعدى التخيلات والتصورات الميتافيزيقيه ليس إلا.. والمؤكد أنك لوخرجت عن حدود الغرفة والعالم قد أصبح على ماهو عليه، فإنك لن تستطيع أن تجاري نسق الحياة، وسيكون أمامك خياران، إما أن تتخلى عن كل ما عشته وتعلمته في غرفتك وتنفتح على العالم الذي خرجت إليه لتعيش فيه دون وجود مايسحبك إلى الخلف (عالم الغرفة)، وإما أن ترفض العالم الجديد بكل مغرياته المادية والفكرية وتعود مختارا إلى عالمك عالم الغرفة وتغلق بابك عليك وترتاح وتريح الناس منك. ولكن أن تخرج إلى العالم بكل انفتاحه وتطوره الفكري والتكنولجي وأن تفرض عليه مباديء وسلوكيات الغرفة بكل جمودها ورجعيتها وتخلفها فهذا يعني أنك ستضع نفسك في مأزق الازدواجية بين الجمود الفكري والانغلاق الذي تحمله، وبين الانفتاح الحضاري والتطور العلمي الذي يتمتع به العالم، وبالتالي سترتبك وتربك العالم. وهذا بالضبط ما تعاني منه مجتمعاتنا التي تريد فرض قيمها القبلية المتخلفة والتي تلبسها ثوب الدين (دون استلهام لقيمه الإنسانية) على قيم العالم المتحضر لتسحبه إلى الخلف، بدل أن تسير هي بركبه، علها تصل يوما إلى ما وصل إليه.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here