مَــوْجٌ على مَــوْجِ الهَــوَى يَـتَـكَسَّـرُ
ومَدىً يُســـافِـرُ فـي مَــدَاهُ ويُبْحِــرُ
والبَحْــرُ أيـَّامِــي ، تُخِــبُّ خُيُولَـهــا،
أسَـفـاً يَـرُوحُ ، وبَـهْــجَــةً تَـتَـمَـطَّــرُ
كُـلُّ الـذينَ رَأَوْكَ فـي حَدَقِ الصُّـوَى
بَصُـرُوا بِعِشْقِكَ ، إنَّما لم يُبْـصِــــروا
بَصُــرُوا بـأنَّ أَمِـــيـرَةَ الـمَـــاءِ الـتي
وهَـبَـتْـكَ نَـوْأَكَ أَمْـرُها لا يُـقْـهَــــــرُ!
* * *
الَمغْـرِبُ الأَقْـصـَى علـى أَهْدابِهــــا
شَـرْقٌ ، يَـزُفُّ جَـنَـاهُ طَــرْفٌ أَحْــوَرُ!
مِن صَقْرِ فَوْدَيْها إلـى عُشْـبِ الفَـلا
خِشْفـانِ ، حَفَّهُمـــا الفُتُـوْنُ الأَكْبَـرُ
وعلى نَــوارسِ رُكْـبَـتَـيْهـــا رَفْـرَفَـتْ
أشواقُ أَيـَّامـــيْ ، ومـَـارَ المَـرْمَــرُ!
ولـهـا علـى أُفـُـقِ الزَّمـــانِ تَـوَقُّــــدٌ
ولهــا علـى أُفـُـقِ المكـــانِ تَـعَــثُّـرُ
يَـتَـبَــدَّدُ الــتَّـاريــخُ فـي بَــيدائــهــا
وإذا أرادتْ ، فَهْــوَ عَــبْـدٌ مُحْــضَـــرُ!
* * *
أَيْنَعْتُ مِن رُغْمِ الثَّـرَى بِمَــفـازَتـي،
هَتَفَـتْ بِـهِ ، فَحَواهُ فَجْــــرٌ أَخْضَـرُ!
لِـتَـلُـفَّـهُ مِـن دِفـئـهـا بِمُـطَـــــهَّــمٍ-
سَعَـفُ الأصـــائـلِ ساعِـداهُ- وتَـبْـذُرُ
تَسْهُو على وَلَـهٍ مَشاعِــلُ وَجْـدِها
الصُّوفيِّ، أو يَصْحُو الحُضُورُ المُزْهِــرُ
عَـرَفَ انهمـارَ الدَّهْـرِ مِن أعطافِهـــا
فَسَقَـتـْـهُ، لا يَصْحُـو ولا هُـوَ يَسْكَرُ!
* * *
يا أَيـُّهـا الأُنـثى التي حَمَـلَتْ «زمــا
نَ الوَصْـلِ» طِفْـلاً، أينَ مِنْكِ تَنَكُّــرُ؟
غـادَرْتـِنـِي نَـهْـبَ القـصـائدِ والـرُّؤَى
مُـتَـجــاذَبٌ ، مُـتَـداوَلٌ ، مُـتَـبـَعْــثِــرُ
أَهْـمِـي حَنِـيْناً في ثَراكِ، وأَنْـثَـنِـي،
مِن فَـرْطِ مـا بـِي، هائـمـاً يَـتَـفَكَّـــرُ
تـلكَ التي ظَمِئَـتْكَ قد أَظْمَتْكَ ، والـ
أَبـَـدُ انْـتَهَى ، والمـاءُ مَعْنىً مُضْمَرُ!
أ فَهكـذا عِـشْقِـيْـكِ يَـبْـقَـى جَــذْوَةً
في الـرُّوْحِ ، تَخْـبُو تـارةً أو تَظْـهَــرُ؟!
* * *
كَـمْ قُـلْـتُ يـومـاً ، والهـواءُ غَـلائــلٌ
بِـيـضٌ ، وطـارَ بِـنا جَـنَــاحٌ أَشْــقَــرُ:
يــا نَـخْــلَــةَ اللـهِ الـتي أثــداؤهــــا
رُطَــبُ الحَــيـاةِ وظِـلُّـها المُتَهَـصِّــرُ!
هُــزِّي بِجِـذْعِـي ، إِنَّنِي لَكِ جائــعٌ،
وتَـسـاقَـطِـي كَـمَـجَـــرَّةٍ تَـتَـكَــــوَّرُ!
أُهْدِيـكِ راياتِـي ، شِراعاً مِنْ دَمِي،
وخُـيُـوطُـهــا مِن مُهْجَـتِـي تَـتَحَـدَّرُ!
يَهْـنِـيْـكِ منهـا خـامَـةٌ مِن غَـيْـمِـهـا
لِيَعِـيـثَ فيهـا ذا الـبَهــــاءُ المُـبْهِــرُ!
وخُـــذِي بِأَعْنَـــاقِ الشِّعـاراتِ التي
قَضَمَتْ بِجِسمي أُمـَّـةً لا تَشْعُــــرُ!
هـــذي فِلَسْطِــــينُ كَأَطْوَلِ كِــذْبَـةٍ
تاريخُهـــا عَـــرَبٌ تَقُـــولُ وتَـكْـــفُــرُ!
والمُسْلِمُـــونَ مَسَـابِـــحٌ ومَبَاخِــــرٌ
أُمَـــمٌ هنــالِكَ كَـــمْ تَنَـــامُ وتَجْـــأَرُ!
* * *
بغــدادُ في «فِلْمِ العُـرُوبَـةِ» أُحْرِقَتْ
والمُخرجـــانِ «تَأَمْـــرُكٌ» و«تَدَوْلُرُ»!
هُـــزِّي إليكِ بِجِذْعِها، يَلِدِ الضُّحَــى
طِفْلَــيْنِ: طِفْـــلًا بِالأَرُومَـــةِ يَجْـــدُرُ
والآخَـرُ الطِّفْـلُ الذي في خاطِـــري
مِـــنْ أَلْـــفِ عـــامٍ فِكْـــرَةً لا تَكْــبُرُ!
* * *
يا أنتِ.. يا نحنُ .. وما يَبْقَــى على
كَــفِّ الزَّمـــانِ بطَقْسِنــا، يا بَـــيْدَرُ!
أَدري بأَنَّـــكِ في مَـخاضِـــكِ، بينمـا
أَهْلُــوكِ حَوْلَكِ، هـــازِئٌ، أو مُنْكِـــرُ!
أَدري بـــأَنَّـــكِ حُـــرَّةٌ ، وأَسِـــــيرَةٌ،
ولَكِ الجُمــوعُ بأَسْرِهـــا تَسْتَأْسِـرُ!
أَدري بإِطْـــراقِ الجَــــــوادِ إذا كَـبَـــا
أو بِاخْـــتِلاجِ القَلْـــبِ إِمَّـا يُكْـــسَـرُ!
* * *
ولقد عَلِــمْـــتِ بِأَنَّ قَلْـــبَكِ دَانَــــةٌ،
أَغْلَـــى مِنَ الأَغْلَـى عَلَيَّ، وأَنْضَـرُ!
لكـنَّ عُـــنْوَانَ الأُنوثـــةِ مُشْمِـــسٌ،
أَبَـــداً، وعُنْـــوَانَ الذُّكـــورةِ مُقْمِـــرُ!
عُنْوَانُ لَحـْظَـيْكِ مَقاتِــلُ مُهْجَـــتِي،
لَوْ كـــانَ بِـي غَـيْرِي، وبِـئْسَ تَعَـذُّرُ!
* * *
تِلْكَ التي قَـتَلَـتْ فُـــؤادَكَ أَبْدَعَـــتْ
قَــــتَّـــالَهــا ، ولِـكُـــلِّ آتٍ مَـصْـــدَرُ!
فَتَحَـــرَّرِي مِـــنِّي، فَمِنْكِ بِدايَـتِـي،
ولْتَغْفِـــرِي حُـــبِّي، فَمِـثْلُكِ يَغْفِـــرُ!
لا يَقْـــرأُ اللُّغَـــةَ الـوَلُودَ سِوَى الذي
يَحْـيَـا الأُمـُـومَـــةَ، كُـــلُّ أُمٍّ تَصْـــبِرُ!
وأنـــا هُــنـــا بِبَياضِهـــا مُـــتَوَسِّـــمٌ
وَجْـهَ الشُّـرُوقِ، بِـسِفْرِهِ مُسْتَـبْـصِرُ
لا تَنْدَمِــي، لا تَحْلُمِي، واسْتَقْبِلِـي
أَمْسِـي، وبـــابُ الوَعْـدِ صُبْحٌ مُثْمِرُ!
* * *
تَدْرِينَ ما قَـــرَأَتْ أَنامِـــلُ سـاعَـتِـي
في وَجْهِـكِ الذَّاوِي، وبَـرْدٌ يَصْـــفِـرُ؟
بَـيْـتَـيْنِ لَفَّهُمــا الغُمُوضُ بِهامَـتِـي،
نَعَـــبَا، وهذا الكَـــوْنُ لَـــيْلٌ مُغْـــدِرُ:
إنْ لم يَكُنْ لَكَ مِنْكَ طِبٌّ في الَهوَى
فَطَـبِـيـبُكَ المَـــوْتُ الذي لا تَحْـــذَرُ!
لـــولا دِمــاءُ الَموْتِ في مُهَجِ الحَيَا
ما أَخْصَبَ المـــاءَ المـــواتُ المقفرُ!
* * *
يا غَيْمَةَ الفَصْــلِ الأَخيرِ، تَـمَهَّـــلِـي
فَشِفـــاهُـنا مِنْ حَلْمَتَـيْكِ الكَـــوْثَـرُ!
تَتَفَـــتَّتُ الذِّكْرَى الحَـــرُونُ بِراحَـتِي
فأَشُـــمُّ مِـــنْهـا أَنْجُـــمـــاً تَتَحَـــرَّرُ!
غَـــزَلَتْ بُـــرَادَةَ ذِكْرَيـــاتــي غَـــادَةً
ضَـوْئِـــيَّـةً، تَنْهـــارُ فيهــا الأَعْصُــــرُ!
تَنْـتَـــابـُنِـي رَيَّـــانَـــةً بِجُـــمُـــوحِهـا
لِـــتَـرُوحَ مِـــنِّي ثَـــوْرَةً أو تُـــبْــكِـــرُ
سأَظَــلُّ أَرْنُـو ظامِئـــاً لِـجَهَـــامِهــا،
لا مُقْشِعـــاً عَـــنِّي، ولا هُوَ يُمْطِـرُ!
* * *
قَـــدَرِي أُحِبُّـــكِ أَنْـــتِ، يـا فَتَّانَتِـي،
مَن ذا على قَـدَرِ المَحَـــبَّـةِ يَقْـــدِرُ!
كَمْ- كالفَراشِ- نَمُوتُ في أَضْدادِنـا!
والحُـــبُّ بَعْـدَ عَــدَاوةٍ هُوَ أَشْـــعَـرُ!
21 أكتوبر 2014