رحلة عبر الزمن- فاطمة الزهراء مومني

1
348

                            استيقظت مبكرا كَكُلِّ صباح على الساعة السابعة إلا ربع، استحممت وارتديت ملابسي، وتناولت وجبة الافطار بسرعة كي لا أتأخر عن العمل، هناك مرضى كثر ينتظرون قدومي وملفات عدة مهجورة منذ زمن . خرجت مُسرعةً ، وأنا احمل حقيبتي صاعدةً المركبة . مهلا… لقد نسيت شيئا…نسيت اني قد تقاعدت… نسيت ان العمر قد مضى ، و أن قطار الاحلام  قد ضاع… لم تكن الحياة طويلة لأُجرِّب كلَّ شيء ، و لا قصيرةً لأتذكر كلَّ شيء… جسد هزيل ، عيون ذابلة ، افكار مبعثرة… انني في سن اليأس … حقا اِن اللسان يعجز عن التعبير عما يخالج النفس من مشاعر متباينة … انها مزيج من الفرح والاسى … أسى على العمر الضائع  واحلامٍ لم تتحقق  وفرح  باطفال صاروا  كباراً  ، وتحولت الاغصان إلى أشجار شامخة . و اصدقاء  كنتُ لهم البحرَ والسَّند . مهلا …اين اطفالي ؟!! اين الاصدقاء ؟!! طال الحديث مع النفسِ المتعبة ، ونسيت التدبر والتفكر في احباب القلب …

خَرجْتُ مسرعةً … ووجدت المركباتِ محلقةً في السماء كطيور السّمان المهاجرة شتاءً . صعدت مركبتي  متجولةً و باحثة عن حبيب يُزهِرُ القلب ورودًا عند رُأيته . لكن لم اجد احدًا …! سألت عن الشباب فقيل لي انهم غادروا  كوكب الارض في سفينة فضائية،  متجهين نحوَ المِريخ باحثين عن عمل . وسألت عن  الاصدقاء فكان الجواب انهم غادرونا الى دار البقاء .  صُدمت … حقا صُدمت … بحثت عن منزلي لكنني لم اجده ، لقد تهت بين بلدان العالم عن مستقري … بحثت عن مأوى ، بحثت عن قُوت ، بحثت عن رفيق ولم اجِد … آآآهٍ لم يتبق أمل …آآآهٍ لقد ضعت عن وجهتي…

رُحت مسرعة نحو تلك الضِّفة المطلة على النهر مع مشاعر اليأس و الخيبة . و دون ادنى فِطنة ، قدم على الارض واخرى في الهواء .أوشكت على رمي نفسي في الهاوية … فجأةً ، سمعت صوتا ينادي من بعيد” فاطمة ، يا فاطمة…” وكأن ذاك الصوتَ لُقاح الحياة الاخير … استمر الصوتُ بمناداتي وبدأ بالعُلُّو أكثر فأكثر … أفقت مفزوعَةً من كابوس احلامي … وذاك الصوتُ كان صوت أمِّي الذي ينادي ….

1 COMMENT

  1. أسلوب أنيق في التعبير عن مدى سرعة الوقت أو أهمية الوقت أو حتى عن الغفلة التي نعيشها، بعيدين عن العائلة، الاصدقاء و حتى عن دقائق اللحظات التي نعيشها.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here