“نقاش بلا ركيزة” :
يناقشون كثيراً يا صديقي، وتتمنى من أعماق قلبك لو أنك تصحو يوماً فلا تجد شيئاً اسمه نقاش..
ذلك أن القوم إذا تناقشوا غضبوا، وإذا غضبوا تناطحوا، أو افترقوا بلا سلام ولا كلام، وأحلى هذين الأمرين مر كالحنظل،
ذلك أن الذي يناقش ينبغي أن يكون أبيض القلب، لا غش ولا خبث ولا كبر ولا حسد، ولا بد أن يكون كذلك أبيض اللسان والفعال، فلا سباب ولا عراك، ومن المفروغ منه أن يكون هادئاً ولطيفاً، كأنه وردة تفوح طيباً مدرارا..
فما شأن القوم يستمرون في النقاش بلا ركيزة ؟ بل يطيرون على بساط أهوائهم وعنادهم..
ربنا عز وجل يأمرنا أن نقول أحسن الكلام، والرسول الهادي بإذن ربه يأمرنا بالتبسم والرفق، وبذل التعاطف والأمان، ولكن القوم يبحثون عما يثير القلاقل بينهم بحثاً، وكأنهم يتقاضون أجراً على أن لا يمر بهم لقاء إلا وعلاه الشغب، وجرح المشاعر، وكسر النفوس..
يا قوم أمِرُّوا الحياة بمحبة تسعدوا، ولتتفجر بكم نوازع الخير لترضوا ربكم، وترهقوا عدوكم، ويتباسق مجتمعكم أمام المجتمعات كلها بصفائه وتواده.