بَعد الموقف “السلبي” لموريتانيا من إغلاق الكركرات.. المغرب يُخطط لنقل 70٪ من بضائعه إلى إفريقيا عبر ميناء الداخلة

0
51

 

في شهر دجنبر من العام الماضي، كشف سفير الرباط في نواكشوط، حميد شبار، أن المغرب يحتكر أكثر من 50 في المائة من إجمالي صادرات الدول الإفريقية إلى موريتانيا، مضيفا أن 13 في المائة من المنتجات التي تستوردها السوق الموريتانية من جارتها الشمالية عبارة عن خضار وفواكه. وقبل ذلك كانت وزارة الفلاحة المغربية قد أوردت أن المملكة صدَّرت إلى الجار الجنوبي ما قيمته مليار درهم من المنتجات الغذائية خلال الفترة ما بين يناير 2015 ويونيو 2016.

وفي ظل عدم وجود خط بحري تجاري يربط الموانئ المغربية بنظيرتها الموريتانية، يبقى معبر الكركرات هو الباب الوحيد لدخول مختلف الصادرات القادمة من المغرب ومن أوروبا وفي مقدمتها المواد الغذائية، وهو ما يفسر الأزمة الحاصلة في أسواق موريتانيا ما بين أكتوبر ونونبر من سنة 2020 عندما أغلق موالون لجبهة “البوليساريو” الانفصالية هذا المعبر، في خطوة لم ينهها إلا التدخل الميداني للقوات المسلحة الملكية، لكن هذا الضرر لم يدفع نواكشوط للتعامل بشكل حاسم مع هذا الملف مفضلة الاستمرار في “الحياد السلبي”.

 

ضرر جسيم:

ووفق الأرقام الموريتانية، تشكل المواد الغذائية الفلاحية القادمة من المغرب نسبة 80 في المائة من المنتجات المعروضة في أسواق البلاد، لدرجة أن أكبر سوق في العاصمة نواكشوط يحمل اسم “سوق المغرب” بالنظر لأن أغلب البضائع المعروضة فيه قادمة من المملكة، ويشكل معبر “الكركرات” المنفذ الرئيس لمرور مواد مثل البطاطس والطماطم والجزر والحوامض والحليب ومشتقاته والسكر والكسكس إلى موريتانيا، ما يفسر الخصاص الواقع عند إغلاق المعبر والتضخم الحاصل في أثمنة ما بقي من مواد غذائية بنسب تراوحت ما بين 300 و600 في المائة.

وإجمالا يُصدر المغرب إلى موريتانيا 660 طنا من مختلف السلع، وفي مقدمتها المنتجات ذات الطابع الصناعي، مثل مستلزمات التلفيف والكارتون والمنتجات البلاستيكية ومولدات وقطع غيار الكهرباء والأدوية والمعدات الطبية وقطع الغيار المستعملة في المجالين الفلاحي والصناعي والأسمدة والزيوت الصناعية والمواد الكيماوية، وفق أرقام السفارة المغربية في نواكشوط، وهي كلها صادرات تعطلت إمداداتها لـستة أسابيع خلال العام الماضي.

 

خسائر على الجانبين : 

لكن كل هذه الأرقام، لا تمثل إلا جزءا بسيطا من حجم صادرات المغرب المارة عبر معبر الكركرات، فتقرير إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بخصوص نشاط سنة 2019 يكشف أن حركة البضائع على الطرق المؤدية إلى هذا المعبر بلغت 66,67 مليار طن، مقارنة بـ20,80 مليار طن فقط سنة 2018، وهو ما يجد تفسيره في ارتفاع المبادلات التجارية بين المغرب وإفريقيا بنسبة 20 في المائة في ظرف 15 عاما الأخيرة، لتصل في 2018 إلى 40,5 مليار درهم، علما أن معبر الكركرات يمثل البوابة البرية الوحيدة لهذه المبادلات.

 

وإذا كان النشاط الاقتصادي المغربي مع موريتانيا وسائر دول إفريقيا يتأثر بإغلاق هذا المعبر، فإن تأثيره على موريتانيا ملموس أيضا كونه المسار الرئيس لمختلف بضائعها الموجهة إلى أوروبا، والتي يشكل الحديد نسبة تقارب 34 في المائة منها، تليه الأسماك بنسبة تبلغ 32 في المائة تقريبا ثم مشتقات البترول بنسبة تتجاوز 30 في المائة، هذا بالإضافة إلى جني موريتانيا رسوم المرور من على أراضيها، مستفيدة أساسا من تنامي النشاط التجاري بين المغرب وإفريقيا، إذ ما بين 2018 و2019 انضاف إلى تعداد التصاريح المسلمة لشاحنات النقل الدولي العابرة من الكركرات 3234 تصريحا جديدا.

 

حياد سلبي : 

وتدفع هذه المعطيات إلى الاستغراب حول الصمت الرسمي الموريتاني من تصرفات البوليساريو التي تهدد اقتصاد البلاد وأمنها الغذائي، وهو ما دفع شخصيات موريتانية إلى انتقاد هذا الوضع مؤخرا، ومن بينها المرشح الرئاسي السابق حميدو بابا، الذي وصف منع وصول 70 في المائة من الإمدادات الغذائية القادمة لأسواق البلاد ومنع الصادرات الموريتانية من الاتجاه شمالا نتيجة غلق المعبر بـ”خنق الاقتصاد الموريتاني”.

وصار الموقف الموريتاني يصنف ضمن خانة “الحياد السلبي”، وهو ما يبرز من خلال تفادي إدانة إغلاق المعبر رغم أن الأمين العام للأمم المتحدة نفسه دعا لانسحاب قاطعيه على اعتبار أنهم يمنعون الحركة التجارية والمدنية في المنطقة العازلة، وفي الوقت الذي أعلنت فيه العديد من الدول الإفريقية إعلان دعم المغرب عقب عملية الكركرات في 13 نونبر 2020، والتي أفضت إلى عودة نشاط المعبر، اكتفت خارجية نواكشوط بإصدار بيان قالت فيها إنها “تتابع منذ أسابيع بقلق بالغ التوتر المتزايد على الحدود الشمالية في منطقة الكركرات، وتدعو جميع الأطراف لضبط النفس وتغليب منطق الحكمة”.

 

ضغط يكاد ينتهي :

وتفسر مصادر دبلوماسية مغربية الموقف الموريتاني بأمرين اثنين الأول هو “عدم رغبة نواكشوط في الصدام مع البوليساريو التي تعترف بها، لأنها تعلم أن ذلك يعني الصدام مع الجزائر التي تتقاطع معها في العديد من المصالح”، أما الأمر الثاني، وفق الجهة نفسها، فهو “تعامل موريتانيا مع المعبر كورقة ضغط على المغرب، كونها تعلم أنه يمثل الشريان الوحيد الذي يربط اقتصاديا المملكة بإفريقيا وتحديدا دول غرب القارة”.

لكن، هل سيبقي المغرب هذا الوضع مستمرا إلى ما لا نهاية؟ والجواب هو لا، وفق مصدر “الصحيفة”، فالعديد من الأمور ستتغير بعد ست سنوات من الآن، وذلك وفق مخطط المغرب لنقل مسار 70 في المائة من نشاطه التجاري مع إفريقيا من الطريق البري المار عبر الكركرات إلى الطرق البحرية التي ستربط ميناء الداخلة المستقبلي بموانئ القارة، ما سيترك مهمة المعبر البري الوحيدة تقريبا هي نقل البضائع من وإلى موريتانيا، وبالتالي سيجعلها المعنية الأولى بأضرار أي عرقلة مستقبلية.

 

ويبدو المغرب مصرا على الانتهاء من هذا المشروع عاجلا، ففي 11 دجنبر 2020 أعلنت وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك عن إطلاق مناقصة لإنشاء الميناء الذي تقدر تكلفته الإجمالية التقديرية بـعشر(10) مليارات درهم، ووفق المعطيات الرسمية الصادرة عن الوزارة، فإن من أهداف المشروع الذي يتضمن بناء ميناء تجاري، “استقطاب فرص الملاحة الداخلية مع دول غرب إفريقيا”.

__________________

المصدر : https://www.assahifa.com/

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here