مرت أكثر من أربعة عشر سنة على المصادقة على مدونة الأسرة الجديدة ولم يتغير الشيء الكثير بالنسبة لأوضاع المرأة المطلقة بالخصوص .
الفرق الوحيد بين الماضي والحاضر هو أنها أصبحت تحصل على الطلاق إن رغبت فيه في مدة زمنية أقل وأصبح الزوج مضطرا لإخبارها قبل أن يتزوج عليها وقبل أن يطلقها . لكن هل غيرت المدونة الجديدة من نظرة المجتمع للمرأة المطلقة ؟ بالتأكيد لا …وأكبر دليل على ذلك الأحكام التي تصدرها بعض المحاكم المغربية فيما يتعلق بنفقة عدَّة المرأة التي ترفع قضية ضد زوجها لتُطلق منه .. ففي هذه الحالة تكون نفقتها رمزية فقط لأنها لا زالت تُعتبر في أذهان وعقليات بعض القضاة امرأة ناشز ،خارجة عن الطاعة لا تستحق أي شفقة أو تعاطف.. إذا كان الرجل هو من يرغب في التطليق فلا بأس بذلك لأنه هو الذكر وهو الأعلى درجة وهو رب الأسرة وحاميها ومن حقه التحلل من كل هذه الواجبات متى أراد ولا يُسأل عن الأسباب ! لكن في المقابل لا حقوق تُذكر للمرأة إلا إذا كانت كما ينبغي أن تكون دائما هي الضعيفة وهي التي تتوسل إليه لكي لا يطلقها .. رغم أنها – باستثناء الأمور المادية التي قد تعيقها وتُسبب لها المتاعب – أقوى من الرجل في كل الأحوال الأخرى فهي لا تتخلى عن الأبناء و تضحي بالغالي والنفيس من أجل حمايتهم مستعدة لمواجهة غمار الحياة بمفردها . خلافا للرجل الذي يتخلى عن الجميع غالبا ولا يفكر إلا في نفسه وراحته .
لكن في المقابل وحتى لا نبخس الناس حقوقها ، قد يعاني العديد من الرجال من معاملة زوجاتهم لهم ومن كيدهن وحتى من جبروتهن واستغلالهن لطيبة ورقة قلوب بعض الرجال الذين لا يستطيعون التخلي عن أبنائهم بسهولة .. وفي هذه الحالة هم أيضا بحاجة للإنصاف . لكن الطامة الكبرى هي أن عليهم في بعض الأحيان تقديم مبالغ خيالية للزوجة قبل تطليقها لأنهم هم من يرغبون في التطليق . وهذا عين الغبن وأحد أسباب الفساد و الانحلال الخلقي في المجتمع لأن هؤلاء الرجال غالبا ما سيبحثون عن متنفس خارج البيت و عن خليلات يعوضون بهن كل النقص الحاصل لديهم في منازلهم .
إذن فالقانون لا يزال أعمى وتطبيقه لا يؤدي إلى الإنصاف بالضرورة وعلى القائمين عليه أن يفكروا في عملية تشريح وجراحة في أقرب وقت ممكن.وعلى المشرع أن يعيد النظر في الكثير من حيثياته ليكون أكثر عدلا وإنصافا كي لا تضيع حقوق الكثير من المتقاضين و إلا سوف يترك المجال لتأويل بنوده وتطبيقه وفق هوى وميول القضاة !