قراءة في قصة “السنجابة والعقاب” للكاتبة رفيقة عثمان والشاعر صليبا صرصر :
“السنجابة والعقاب” قصّة للأطفال كتبتها الكاتبة رفيقة عثمان بالاشتراك مع الشاعر صليبا صرصر..
لا شك أن القصص لها أثرها الكبير في تعليم الأطفال، وتوسيع إدراكهم وبناء شخصيتهم وإثراء لغتهم، لهذا تعتبر القصص من أهم الأمور التي يجب على أولياء الأمور الاهتمام بها، وعليهم حث أطفالهم على تخصيص مكتبة للاحتفاظ بها وتنبيههم إلى مدى أهميتها. كما عليهم تشجيعهم على الذهاب إلى المكتبات لاقتناء القصص لأنها الخطوة الأولى لبناء قارئ نهم.
لا شك أن اختيار الحيوانات لتكون نموذجًا لنقل رسالة قيمة للأطفال من خلالها، هو الأفضل والأمثل، فالأطفال يعشقون الحيوانات وتجذبهم كثيرًا قصصهم.
كما أن مرافقة القصص بصور توضيحية جاذبة، يجلب انتباه الطفل بشدّة، وهذا ما برعت به الفنانة منار نعيرات في رسوماتها الّتي رافقت الأحداث لتزيد من القصة تميزًا.
القصة تتحدث عن عالم الإنسان بشخصيات الحيوانات، ولربما كان المرتكز الأساسي لفكرة القصة؛ الظروف الحالية التي نعيشها، حيث الظلم وسيطرة القوي على الضعيف.
لغة القصة قوية متينة ومفرداتها ثرية، وهذا هو المطلوب لبناء لغة قوية سليمة لدى الأجيال القادمة.
القصة تتحدث عن الظلم الذي يتعرض له الصغار من قبل أصحاب القوى وهو يمثل ما تعيشه البشرية في عالمنا الحالي. فالنسر القوي يهاجم السنجابة الضعيفة حنان ويبتر ذيلها.
برعت القصة في الوصف، فمثلًا كان وصف الشتاء وما تبعه من عاصفة وبرق ورعد موفقًّا، حيث تم استخدام مفردات غنية ثرية، وكل هذه معطيات تزيد من قوة الانتباه والملاحظة عند الأطفال.
ولعل أبرز ما يميز هذه القصة تعرضها للحديث عن دواخل النفس، حيث تطلعنا مثلًا على مدى تأثير الألم الذي لحق بالسنجابة حينما أصبحت تحاور نفسها وتعد بالانتقام بسبب الألم الّذي شعرته بسبب بتر ذيلها من قبل النسر، كذلك تبين لنا تأنيب الضمير الذي انتاب السنجابة حنان إذ أنه لم يسمح لها بأذى العقاب؛ وهذا أمر منطقي فهي أم تدرك معنى الطفولة ولديها حس الأمومة الذي يرفض أن يؤذي طفلًا.
القصة أيضا برعت في إعطاء بعض المعلومات عن الحيوانات من حيث طبيعتها، والبيئة التي تعيش فيها والطعام الذي تأكله، وفي هذا بلا أدنى شك توسيع لمدارك الطفل في سن مبكرة ولعله من مقومات القصة الناجحة؛ فهي تذكر أن النسور تحلق عاليًا وتقفز من شجرة إلى أخرى بحثًا عن الطعام، ولاصطياد اللحوم الطازجة، والعظام الطرية، ولالتقاط ما يتيسر من حبوب لإطعام فراخها الجائعة.
كما تعرضت القصة إلى الشعور الّذي ينتاب بعض الحيوانات في البيئة التي تعيش فيها كالسناجب مثلًا، الّتي لا تجد الأمن والأمان في الغابة.
كذلك تصف الحيوانات بدقة، فعيون النسر لامعة بشراسة، ومخالبها حادة كالسيوف ومناقيرها معكوفة.
من الواضح أن القصة تحاول غرس جذور الأخلاق الحميدة في نفوس الأطفال، وتشجيع الصفات الطيّبة فيهم؛ كصفات التسامح، والمحبة والتعاون بين المخلوقات.
فالسنجابة حنان التي بتر النسر ذيلها ترفض أن تؤذي العقاب ابن النسر انتقاما لنفسها، حيث أن ضميرها الحي منعها من الإقدام على فعل الشر رغم الأذى الذي لحق بها بسبب النسر والد العقاب.
وكأنها في نهاية المطاف تريد أن تقول أن جزاء الإحسان هو التقدير من الناس، والاحترام، والاعتذار عند الخطأ، فالعقاب في النهاية حمى السناجب من الأخطار، واعتذر النسر عن الإساءة، وتعاونت النسور مع السناجب لتجعل الغابة خضراء، ونثروا فيها البذور وجعلوها أفضل للعيش والتعايش بمحبة وسلام.
القصة مناسبة لذهن الأطفال بتيمتها ولغتها وأهدافها، قد تحتاج إلى تدخل بعض أولياء الأمور عند الأطفال الذين يجدون صعوبة في بعض المفردات وإدراك بعض المفاهيم.
كل التوفيق للكاتبة رفيقة عثمان والشاعر صليبا صرصر.